تتطور تقنية الطائرات المسيرة باستمرار، وتعمل الابتكارات الجديدة والاستثمارات الكبيرة على جلب المزيد من النماذج المتقدمة إلى السوق كل بضعة أشهر.
وتغطي تكنولوجيا المركبات الجوية غير المأهولة كل شيء؛ بدءًا من الديناميكا الهوائية للطائرة المسيرة والمواد المستخدمة في تصنيعها، وصولا إلى لوحات الدوائر الكهربائية والشرائح والبرامج التي تمثل عقول هذا النوع من الطائرات.
ووفقًا لمعهد “بروسبيكتيف إندستري ريسيرش”، فإن منتجات شركة “دي جي آي” (DJI) الصينية تمثل أكثر من 80% من حصة السوق العالمية، وأكثر من 70% في الصين، لتحتل المرتبة الأولى بين شركات الطائرات المسيرة التجارية العالمية في العام 2020.
ويعزو مراقبون هيمنة “دي جي آي” إلى العمل المستمر في مجال التطوير والابتكار وتزويد طائراتها المسيرة بأحدث التكنولوجيا المتوفرة في هذا المجال، مثل كاميرات الأشعة تحت الحمراء ونظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) والليزر.
“فانتوم 1” وبداية الهيمنة
بدأت الشركة في البداية ببيع طائرات مسيرة ووحدات تحكم، وبحلول عام 2013 أطلقت الشركة الطائرة المسيرة “دي جي آي فانتوم 1″، وهو أول منتجاتها الموجهة للمستهلكين.
ومثلت هذه الطائرة بداية انتشار الطائرات المسيرة في جميع أنحاء العالم، إذ زودتها الشركة بنظام تحديد المواقع العالمي، ولكن كان شحن البطارية يستغرق 90 دقيقة، ويمكنها الطيران لمدة 10 دقائق فقط. وإلى جانب ذلك، كانت من دون كاميرا أو حامل لها.
وكان على المستخدمين تركيب كاميرا “غو برو” أو غيرها من الكاميرات خفيفة الوزن حتى يتمكنوا من تسجيل اللقطات الجوية، لكن الكاميرا المثبتة كانت تعاني من الاهتزاز أثناء الطيران.
وقبل أن يتم دمج تقنية نظام تحديد المواقع العالمي في الطائرات المسيرة، لم تكن لدى المستخدمين أي وسيلة أو طريقة لتحديد اتجاه أو موقع الطائرات في الهواء، مما جعل التحكم في الطائرة والمناورة صعبًا للغاية، وأدت هذه المشكلة إلى إعاقة تجربة المستخدم الإجمالية بشكل كبير.
وعبر دمج نظام تحديد المواقع العالمي والبوصلة، أصبح من الممكن للطائرات المسيرة أن تثبت في مكانها حتى لو ترك المستخدم جهاز التحكم عن بعد. ومنح ذلك المشغلين التحكم الكامل في الطائرات وجعل التكنولوجيا أكثر أمانًا وأسهل للطيران.
وأدى الدمج الداخلي لنظام تحديد المواقع العالمي إلى جعل طائرات “دي جي آي” أكثر أمانًا وموثوقية أثناء الطيران من أي طائرة مسيرة أخرى متاحة في ذلك الوقت.
“فانتوم فيجن 2”.. أول مسيرة بكاميرا
وعملت الشركة على تحسين كل طائرة جديدة تصدرها باستمرار، وابتكار تقنيات رئيسية وتحديث المواصفات، بما في ذلك المدى ووقت الرحلة وجودة الكاميرا، حيث جاءت “فانتوم فيجن 2” مع كاميرا مدمجة قادرة على تسجيل مقاطع فيديو بدقة 1080 بكسلا، بمعدل 30 إطارًا في الثانية.
وتميزت “فانتوم فيجن 2” بوقت طيران ممتد يصل إلى 20 دقيقة، ومدى يصل إلى 300 متر، وكانت هذه أول طائرة مسيرة تصدرها “دي جي آي” تتضمن كاميرا مدمجة يمكنها التقاط صور ثابتة بدقة 14 ميغابكسلا.
وواصلت الشركة التطوير، وفي غضون شهرين من إصدار “فانتوم فيجن 2″، أصدرت الشركة “فانتوم 2″، التي زودتها بكاميرا “غو برو” ونظام تثبيت. كما أصلحت الشركة هذه المرة بعض مشكلات الإصدار السابق، حيث زادت “دي جي آي” المدى وعمر البطارية حتى يتمكن المستخدمون من إبقاء الطائرات في الهواء فترة أكبر والطيران لمسافة أطول.
وسمح ذلك للطائرة بالطيران 25 دقيقة مع مدى يصل إلى 300 متر، مع تضمينها الإصدار الثاني من نظام التحكم بالطيران المدمج “نازا-إم”، ونظام التحكم عن بعد العامل بتردد 2.4 غيغاهرتز مع قناة منفصلة ومنفذ للتحكم بمحور التثبيت “زينميز إتش 3-2 دي”.
وكان هذا مهمًا لأن المشغلين لم يعودوا بحاجة إلى جعل الطائرة تهبط من أجل استبدال البطارية كما هي الحال في كثير من الأحيان، الأمر الذي أدى في السابق إلى إعاقة تجربة الطيران الإجمالية بشكل كبير.
وجلبت “فانتوم فيجن 2 ” الصادرة عام 2014 أول نظام تثبيت ثلاثي المحاور مستقر موجود في طائرة مسيرة من “دي جي آي”، وساعد في الحصول على لقطات سلسة وخالية من الاهتزاز.
وكان على المستخدمين قبل ذلك إما شراء الكاميرا ونظام التثبيت أو الطيران مع كاميرا يمكن أن تميل لأعلى أو لأسفل فقط مع بقاء اللقطات عرضة للاهتزاز.
ويضمن نظام التثبيت ثلاثي المحاور المتقدم في “فانتوم فيجن 2” أن تكون اللقطات سلسة ومستقرة في الهواء ومنح الطيارين مزيدًا من الحرية لتصوير لقطات ديناميكية ومبتكرة.
كما جاءت الطائرة مع كاميرا بدقة 14 ميغابكسلا، و25 دقيقة من وقت الطيران، ومدى يصل إلى 700 متر تقريبًا، ونظام تحديد مواقع متقدم.
3 إصدارات من “فانتوم 3”
وواصلت “دي جي آي” التطوير في عام 2015 مع إطلاق سلسلة “فانتوم 3” بـ3 إصدارات مختلفة: أساسي ومتطور واحترافي.
وتضمن الإصدار الأساسي كاميرا مدمجة أعيد تصميمها قادرة على تصوير مقاطع فيديو بدقة 2.7 كي، بمعدل 30 إطارًا في الثانية، إلى جانب التقاط صور ثابتة بدقة 12 ميغابكسلا بتنسيقات “جي بي جي” (JPG) و”راو” (RAW) بمدى 1 كيلومتر و20 دقيقة من وقت الطيران.
بينما تميز الإصدار المتطور بمدى ممتد يبلغ 2 كيلومتر و23 دقيقة من وقت الطيران وأول كاميرا 4 كي بدقة 12 ميغابكسلا تصدرها شركة “دي جي آي”.
وكان التحسن الملحوظ في كل من الإصدار الأساسي والمتطور هو دمج النسخة الروسية من نظام تحديد المواقع العالمي “غلوناس” (GLONASS)، بالإضافة إلى أنظمة تحديد المواقع العالمية.
وسمح هذا الأمر للطائرة بالاتصال بالمزيد من الأقمار الصناعية لتحسين الاستقرار ودقة الموقع أثناء الطيران، مما يجعل الطائرة أكثر سهولة وأمانًا للقيادة في الهواء مقارنة بسابقاتها.
وزودت “دي جي آي” الإصدار المتطور والاحترافي من “فانتوم 3” بنظام نقل “لايت بريدج” المدمج الذي يتيح مدى أطول وقدرة نقل فيديو عالية الدقة تصل إلى كيلومتر واحد، وأثبت هذا النظام أنه أفضل بكثير من نظام الشبكة اللاسلكية الموجود في الإصدار الأساسي من فانتوم 3.
وكان هذا مهمًا لأن مستخدمي الطائرات المسيرة يمكنهم مراقبة وتحسين الصور ومقاطع الفيديو الجوية بجودة عالية من هواتفهم الذكية. ولم يكن لدى المستخدمين قبل تقنية “لايت بريدج” أي وسيلة لمشاهدة اللقطات التي يتم تسجيلها على مسافات طويلة بواسطة كاميرا الطائرات، مما أعاق الاستخدام على نطاق واسع في كل من القطاعات الترفيهية والتجارية، لا سيما في عالم التصوير الجوي والفيديو.
ومع اختراع “لايت بريدج”، أصبح بإمكان مالكي الطائرات مشاهدة صور مباشرة تم التقاطها بواسطة طائراتهم بجودة عالية مباشرة من هواتفهم الذكية، مما يتيح للمستخدمين مراقبة الصور ومقاطع الفيديو الجوية.
كما زودتها بنظام تحديد المواقع البصرية، مما يوفر المزيد من الاستقرار والثبات والدقة خلال التصوير الجوي. ومن أجل الترويج لسلسلة “فانتوم 3″، أطلقت “دي جي آي” أيضًا تطبيق “دي جي آي غو”. وسمح التطبيق للمستخدمين بالوصول إلى إعدادات كاميرا الطائرة وأدوات التحكم في الرحلة، في حين يتم تنبيه المستخدم تلقائيًا في حال اكتشاف أي مشاكل في الطائرة.
ويتميز التطبيق بواجهة مبسطة وسهلة الاستخدام، وجعل تقنية الطائرات المسيرة أكثر قابلية للفهم وأسهل في الاستخدام بالنسبة لجمهور أوسع.
“فانتوم 4”.. خلاصة الخبرات
ومع إطلاق “فانتوم 4” بحلول عام 2016، فإن الشركة استمرت في عرض قدرتها على تطوير الطائرات المسيرة، حيث تم تزويدها بمحور تثبيت أعيد تصميمه بالكامل، حيث يدعم كاميرا الطائرة على كلا الجانبين بدلا من واحد، وتم تصنيعه من مادة سبائك المغنيسيوم المطورة لمزيد من الثبات والقوة.
وكانت “فانتوم 4” أول طائرة مسيرة للمستهلك تزود بتقنية مبتكرة للرؤية الحاسوبية والاستشعار جعلت منها أكثر الطائرات المسيرة أمانًا وأكثرها ذكاءً.
وتميزت “فانتوم 4” بنظام تجنب العوائق الأمامي والسفلي الأول من نوعه، الذي مكّنها من اكتشاف الأشياء بذكاء في مسارها والتوقف أو التحرك تلقائيًا حول الجسم لتجنب الاصطدامات المحتملة. كما أنه قاد الطريق إلى أوضاع طيران أكثر ذكاءً التي استفادت من نظام تجنب العوائق.
وقدمت الشركة ضمن “فانتوم 4” بوصلة ووحدات “آي إم يو” (IMU) مزدوجة لتوفير وقت رد فعل أسرع.
وبالإضافة إلى ذلك، تتميز “فانتوم 4” بنظام ثبات كامل ثلاثي المحاور مع كاميرا 4 كي بدقة 12 ميغابكسلا ومدى 5 كيلومترات ووقت طيران يصل إلى 27 دقيقة.
ومع كل ميزاتها الجديدة والمحسّنة، بالإضافة إلى أوضاع الطيران الذكية الجديدة -بما في ذلك المسار النشط و”انقر للطيران”- أصبحت فانتوم 4 أكثر الطائرات المسيرة رواجًا في الصناعة.
وفي العام التالي، طرحت الشركة الإصدار المتطور والاحترافي من “فانتوم 4”. وتتميز كلتا الطائرتين بمدى يصل إلى 7 كيلومترات بفضل نظام “لايت بريدج 2” وعمر بطارية يصل إلى 30 دقيقة، وكاميرا مطورة 4 كي بدقة 20 ميغابكسلا مع مستشعر بقياس 1 إنش.
كما تميز الإصدار الاحترافي أيضًا بنظام تجنب العقبات بزاوية 360 درجة تمت ترقيته بالكامل لمنح المستخدمين مزيدًا من الأمان وراحة البال في الجو.
“مافيك برو” والدخول لمرحلة جديدة
ومع وصول “مافيك برو” لأول مرة في عام 2016، ظهر نظام نقل جديد يسمى “أوكيوسينك”، الذي سمح بإمكانية نقل الفيديو بدقة 1080 بكسلا بمعدل 30 إطارًا في الثانية، بينما كان بإمكان “لايت بريدج 2” نقل الفيديو بدقة 720 بكسلا.
كما سمح أوكيوسينك بربط جهازين بطائرة مسيرة واحدة لاسلكيًا، بما في ذلك أجهزة التحكم عن بعد العادية أو نظارات “دي جي آي”.
ومع إطلاق “مافيك آير” في عام 2018، فقد سارت الشركة خطوة إلى الأمام عبر توفير سعة تخزين داخلية تبلغ 8 غيغابايتات، كما تميزت الطائرة بنظام طيران ذكي جديد تمامًا لرحلات مستقرة ودقيقة للغاية، بالإضافة إلى نظام محسن لتفادي العوائق الأمامية والسفلية والخلفية لمزيد من الأمان في الهواء.
وتضمنت كل سلسلة من سلاسل الطائرات المسيرة تقنيات حيوية جديدة جعلت الطائرات المسيرة أفضل وأكثر أمانًا. وواصلت الشركة تحسين المدى والكاميرا والجودة وعمر البطارية وأداء الطيران مع كل منتج.
وصممت الشركة “آيروسكوب”. وهو جهاز قادر على اكتشاف معظم الطائرات المسيرة الحديثة، وذلك من أجل قطع الشكوك بشأن الأخطار الأمنية التي تشكلها الطائرات المسيرة عندما تحلق فوق مناطق حساسة، مثل السجون والمطارات وغير ذلك من المرافق المحمية.
ويعترض آيروسكوب الاتصال بين وحدة التحكم والطائرة لاستخراج مسار الرحلة والحالة والرقم التسلسلي وموقع وحدة التحكم وجهات اتصال المالك وأي معلومات أخرى يمكن للمستخدم التصرف بناءً عليها، كما ينقل المعلومات في الوقت الفعلي، ويستغرق جمع المعلومات ثوانٍ.
وهذا يمنح المسؤولين عن المراقبة وقتًا كافيًا لاعتراض أي هجمات. ويصل نطاق آيروسكوب إلى 40 كيلومترا، وهناك أيضًا خيار محمول.
تطوير أنظمة المسيرات ومنصاتها
ولا يقتصر نشاط الشركة على تصنيع الطائرات المسيرة وتطويرها فقط، بل تصنع “دي جي آي” أيضًا تقنيات أخرى تخدمها في مجالها مثل منصات الطيران وأنظمتها، ومتحكم الطيران “إيه 3″ و”إيه 3 برو” ومنصة “رونين 4 دي”.
ومن أجل تحليق أفضل للطائرات المسيرة، فقد ابتكرت “دي جي آي” أيضًا نظارات “إف بي في” التي تنقل لقطات الطائرة المسيرة للمستخدم في الوقت الفعلي.
وبدلا من مشاهدتها عبر الهاتف الذكي أو جهاز التحكم، يرتدي المستخدم النظارات للمشاهدة، تمامًا مثل نظارات الواقع الافتراضي.
وتتضمن معظم طائرات “دي جي آي” محور تثبيت مدمجا، ولكن يمكن أيضًا شراء كاميرات زينميز، التي تحتوي على محاور تثبيت ثلاثية مدمجة، مثل كاميرا ومثبت زينميز X7 التي تتوفر دقة 24 ميغابكسلا وعدسات قابلة للتبديل بدقة 5.2 كي و6 كي.
ونتيجة لعملها المستمر، فقد أصدرت الشركة على مر السنين طائرات مسيرة مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات الجميع من المحترفين إلى المستهلكين، حيث تعد أشهر علامة تجارية للطائرات المسيرة اليوم، ولها دور مهيمن في السوق العالمي للطائرات المسيرة، كما أنها واحدة من أكثر الشركات الصينية نفوذا عالميا وممثلة لصناعة التكنولوجيا في الصين.