يمكن لبعض من المادة أن يسقط في الثقب الأسود، في حين أن الجزء الآخر يُنفث إلى الفضاء بسرعة تقارب سرعة الضوء، بسبب التزاحم الهائل والحرارة الشديدة جدا في تلك المنطقة.
كشف فريق بحثي من عدة دول أوروبية إلى جانب كوريا الجنوبية والصين -للمرة الأولى على الإطلاق- عن صورة جديدة للثقب الأسود الموجود في مركز المجرة “إم 87” (M87) بينما يطلق نفثات هائلة من المادة، الأمر الذي يحسن من فهم العلماء لطبيعة الثقوب السوداء وأثرها على محيطها بشكل كبير.
وكان هذا الثقب الأسود لاقى كثيرا من الشهرة عام 2019، حينما عرض مرصد أفق الحدث أول صورة له، ومنذ تلك اللحظة عملت عدة فرق بحثية على الجرم نفسه لاستخراج مزيد من البيانات، ومن بينها هذا الفريق الدولي.
وعام 2018، اعتمد هؤلاء العلماء على الصورة السابقة من مرصد أفق الحدث، ثم استخدموا مجموعة واسعة من التلسكوبات الراديوية حول العالم، وهي تتألف من مصفوفة خط الأساس العالمية الكبيرة جدا (GMVA) في الولايات المتحدة وعدة دول، ومصفوفة مرصد أتاكاما المليمتري الكبير (ALMA) في صحراء أتاكاما في تشيلي، وتلسكوب غرينلاند (GLT)، لالتقاط صورة أدق لنفس الثقب الأسود تظهر بها نفثات المادة بوضوح.
وإلى جانب تصوير الثقب الأسود، أظهرت ملاحظات هذا الفريق المجمعة تفاصيل صغيرة جدا في المنطقة المحيطة بنواة المجرة “إم 87″، وقد نشروا نتائجهم في بحث جديد نشر يوم 26 أبريل/نيسان الماضي في دورية “نيتشر” (Nature).
نفثات الثقب الأسود
من المعروف أن الثقوب السوداء تمتلك من الجاذبية ما يمنع أي شيء من الخروج من داخلها، حتى الضوء نفسه. لكن ما يقع خارج الثقب الأسود يمكن ألا يسقط فيه، ولذلك فإن الثقوب السوداء تظهر في الصور الملتقطة لها وكأنها فجوة من الظلام داخل حلقة من النور. وتمثل هذه الحلقة المادة المحيطة بالثقب الأسود، والتي تراكمت على بعضها بعضا بسرعات هائلة تسببت في تسخينها حتى مليارات الدرجات المئوية.
ويمكن لبعض من هذه المادة أن يسقط بالفعل في الثقب الأسود، في حين أن الجزء الآخر يُنفث إلى الفضاء بسرعة تقارب سرعة الضوء، بسبب التزاحم الهائل والحرارة الشديدة جدا في تلك المنطقة.
وقد تمكن العلماء من قبل من رصد انطلاق هذه النفثات الهائلة المنطلقة من الثقوب السوداء، لكن هذه هي المرة الأولى التي تلتقط صورتها بشكل مباشر تظهر فيه المنطقة التي يلتقي فيها محيط الثقب الأسود والنفثات المنطلقة.
وحسب بيان صحفي رسمي أصدره باحثون من مصفوفة مرصد أتاكاما المليمتري الكبير، فإن ذلك يساعد بقوة في فهم الكيفية الدقيقة لتكوّن تلك النفثات، وهو أمر ليس واضحا حتى الآن، ويمثل مشكلة طويلة الأمد في علم الفلك.