تراجعت حدة تهافت اللبنانيين على محال البقالة ومحطات الوقود، بعد أيام قليلة من تصعيد إسرائيل هجماتها على جنوب لبنان والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي.
واعتبارا من أمس الاثنين دخل التصعيد الإسرائيلي على لبنان وبالتحديد مناطق الجنوب، أسبوعه الثاني، وسط هجمات هي الأعنف منذ حرب عام 2006 بين تل أبيب وحزب الله.
ومع إعلان إسرائيل الثلاثاء، بدء عملية برية جنوب لبنان وصفتها بأنها “محددة الأهداف”، لم تظهر علامات تهافت من المواطنين في بيروت على محال السلع التموينية.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الفرقة العسكرية 98 بدأت أنشطة “موجهة ومحددة” بجنوب لبنان، وذلك غداة ليلة من الترقب لغزو إسرائيلي برّي وشيك للأراضي اللبنانية، لكن لم يتم رصد أي غزو لقوات إسرائيلية للأراضي اللبنانية حتى صباح اليوم الثلاثاء.
والأسبوع الماضي، قالت وزارة الطاقة اللبنانية إن الوقود المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية يكفي لمدة 12 يوما، وبالتحديد حتى 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وارتفعت أسعار البنزين بواقع 5 آلاف ليرة (0.056 دولار)، وفق تقرير للوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام أشار إلى أن سعر صفيحة البنزين (20 لترا) من نوع 95 أوكتان أصبح 1.41 مليون ليرة (15.67 دولارا).
كما ارتفع سعر البنزين 98 أوكتان إلى 1.45 مليون ليرة (16.12 دولارا)، فيما بلغ سعر المازوت 1.3 مليون ليرة (14.45 دولارا)، والغاز 920 ألف ليرة (10.23 دولارات).
من قبل الحرب
لكن حتى قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية يعاني الشارع اللبناني منذ 5 سنوات من تذبذب في توفر سلع حيوية، بصدارة الوقود المخصص للمركبات، والوقود المخصص لتوليد الطاقة.
وأدى شح النقد الأجنبي في البنوك ومصرف لبنان (المركزي) إلى ندرة العديد من السلع الحيوية المستوردة من الخارج، وهو ما أدى لانتعاش السوق السوداء ليس فقط للنقد الأجنبي، بل للسلع كذلك.
إلا أن البلاد تترقب وصول شحنتين من الوقود أو ما يعرف بـ”الغاز أويل” من الجزائر ضمن منحة قدمتها الأخيرة للبنان في أغسطس/آب الماضي، وشحنة أخرى من العراق، وذلك خلال الأسبوع الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
احتياطات الوقود
ووفق تصريحات صحفية لوزير الطاقة والمياه وليد فياض في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، أكد خلالها أن مخزونات مادة الغاز أويل المخصصة لتوليد الطاقة تبلغ 30 ألف طن، فيما يبلغ استهلاك المعامل اليومي 2500 طن.
وقال “سيرتفع مخزون مادة الغاز أويل الموجودة في لبنان، خلال الأيام المقبلة، مع وصول 60 ألف طن إضافية وفق اتفاق مبرم مع العراق، إلى جانب 24 ألف طن إضافية، من المنحة الجزائرية”.
بينما طمأنت الوزارة المواطنين الأحد، بتوافر الاحتياطات اللازمة من المشتقات النفطية على المدى المتوسط، مؤكدة “أن لا أزمة بنزين أو مازوت”، دون تقديم أرقام.
ونقلت وسائل إعلام لبنانية، بينها صحيفة الأخبار والمدن، السبت الماضي، عن رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط مارون شمّاس قوله إن سوق الوقود المخصص للسيارات سيبقى مستقرا طالما المرافئ التجارية تعمل دون أي قيود.
وقال: “طالما أن البحر مفتوح ولا عراقيل في وجه الاستيراد، فلا مشكلة بتأمين البنزين، فالمادة مؤمنة بوفرة حاليًا، لكن الحال تتبدّل مع تغيّر الوضع.. في حال إغلاق باب الاستيراد عبر البحر فإننا سنقع في أزمة”.
ومنذ أول أيام التصعيد العسكري الإسرائيلي، بدأت طوابير المركبات تنشأ على مداخل محطات الوقود، قبل أن تتراجع قليلا حدتها بحلول مطلع الأسبوع الجاري.
وفي الجنوب، حيث يتركز القصف الإسرائيلي وحديث عن اجتياح بري، فإن البلدات والقرى هناك تواجه شحا في وفرة بعض المواد الغذائية كالطحين، والوقود المخصص للمركبات.
ودعت وزارات الاقتصاد والطاقة والصحة إلى ضرورة توفير حاجة بلدات الجنوب.
وظهر وزير الاقتصاد أمين سلام في مقابلة مع “سي إن إن” الأميركية الاثنين أكد خلالها أن مرافئ لبنان العاملة، لم تتوقف عن استقبال الواردات خلال الأيام الماضية.
تأثيرات سلبية
وأضاف سلام “الأهم أننا نعمل بالتعاون مع الجهات المعنية على الحفاظ على سعر صرف الليرة أمام الدولار.. لكن ثمة خطرا قائما من تحرك سعر الصرف هبوطا”.
وزاد “ثمة خطر على مناطق الجنوب التي تضررت، ومعها تضررت آلاف الوظائف والمصالح التي أقفلت لفترة غير محدودة المدى هناك.. وهذا له تأثيرات سلبية على الاقتصاد.. ومن المبكر الحديث عن أرقام الخسائر”.
وبشأن مخزونات القمح، قال “لدينا كميات من القمح داخل البلاد.. الاحتياطات تكفي شهرين ولدينا شحنات قادمة سترفع الاحتياطي ليلبي حاجة السوق إلى 3 شهور”.
وذكرت لجنة الإسكوا التابعة للأمم المتحدة، في تقرير اليوم، أن قطاعات اقتصادية رئيسية في لبنان تضررت بشدة من الحرب إذ قُضي على الزراعة في مساحات واسعة بسبب استخدام القنابل الفوسفورية الحارقة، ما يهدد الأمن الغذائي وسبل العيش في المجتمعات الريفية.
ومنذ 23 سبتمبر/أيلول تشن إسرائيل “أعنف وأوسع” هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع حزب الله قبل نحو عام، ما أسفر حتى فجر الثلاثاء عن 1057 شهيدا على الأقل، بينهم أطفال ونساء، و2950 جريحا، وفق بيانات السلطات اللبنانية، ووسط مخاوف من اندلاع حرب إقليمية.
كما تتبادل، منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها حزب الله، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر الخط الأزرق الفاصل.