ما الذي يحدث بالضبط في الدماغ عندما يتم إنعاش شخص كان على وشك الموت؟ سؤال يتردد لما وصف أنه “تجربة الاقتراب من الموت” والذي يجيب عنه الذين أوشكوا على الموت ودخلوا في الغيبوبة، ثم قدر لهم النجاة.
وكشفت دراسة حديثة على الناجين من السكتة القلبية عن ما يمرون به ويشعرونه.
وقد أجراها باحثون من الولايات المتحدة وبريطانيا بقيادة الدكتور سام بارنيا، ونشرت بمجلة الإنعاش (resuscitation journal) وكتب عنها موقع “إن بي سي نيوز”.
السكتة القلبية
ووجد الباحثون أن ما يقرب من 40% من الناجين من السكتة القلبية -الذين يخضعون للإنعاش القلبي الرئوي- لديهم ذكريات أو تجارب تشبه الحلم أو نوعا من الإدراك حتى عندما يكونون فاقدي الوعي. علاوة على ذلك، تُظهر موجات الدماغ علامات نشاط تشير إلى الوعي لمدة تصل أحيانا إلى ساعة أثناء الإنعاش.
والسكتة القلبية “التوقف القلبي” (Cardiac Arrest) حالة يتوقف فيها القلب عن العمل، وأعراضها: عدم استجابة المصاب عند الضرب على كتفه، عدم تنفسه بشكل طبيعي أو توقف التنفس.
وعلى عكس النوبة القلبية، التي يستمر فيها القلب بالنبض رغم الانخفاض في تدفق الدم، فإن المصاب بالسكتة القلبية يكون دائما فاقدا للوعي. والإنعاش القلبي الرئوي هو الطريقة الوحيدة لإبقاء الشخص على قيد الحياة حتى يتم صعق القلب وإعادته إلى الإيقاع الطبيعي باستخدام مزيل الرجفان.
ويقول الدكتور بارنيا “لا يوجد شيء أكثر خطورة من السكتة القلبية لأنهم يتأرجحون حرفيا بين الحياة والموت، وهم في غيبوبة عميقة ولا يستجيبون لنا جسديا على الإطلاق”.
وأضاف “ما يصل إلى 40% من الناس لديهم بالفعل تصور بأنهم كانوا واعين إلى حد ما”.
يمكن أن يكون هذا التصور مجرد شعور غامض بأن شيئا ما يحدث من حولهم. ومع ذلك، أبلغ 6 مرضى بالدراسة عما أسماه الباحث “تجارب الموت المتسامية” أو ما يعتقده الكثير من الناس أنه تجربة الاقتراب من الموت.
وقال بارنيا “ربما خضعوا لمراجعة لحياتهم، وربما ذهبوا إلى مكان شعروا فيه وكأنهم في وطنهم، وما إلى ذلك”.
مطاردة الشرطة
وتذكّر العديد من المرضى جوانب العلاج الطبي، مثل الألم أو الضغط لدى الأطباء. وتذكر آخرون أحاسيس تشبه الحلم، مثل مطاردة الشرطة لهم أو الوقوف تحت المطر.
وكان لدى بعض الناجين ذكريات إيجابية، مثل رؤية ضوء أو نفق أو أحد أفراد الأسرة، أو الشعور بمشاعر قوية، مثل الحب والطمأنينة والسلام. لكن البعض كان لديه شعور بالانفصال عن الجسد، والاعتراف بأنهم ماتوا أو لديهم أوهام حول “وحوش” أو شخصيات مجهولة الهوية.
وفي الدراسة الأولى من نوعها، قام بارنيا وزملاؤه بمراقبة 567 شخصا خضعوا لإنعاش السكتة القلبية في 25 مستشفى. وقد نجا أقل من 10% من المرضى، لأن السكتات القلبية غالبا ما تكون مميتة، حتى عندما يكون الأطباء على أهبة الاستعداد لإجراء الإنعاش القلبي الرئوي. وتمكن الباحثون من مقابلة 28 من أصل 53 ناجيا.
وأفاد 11 منهم أن لديهم ذكريات أو تصورات تشير إلى بعض الوعي على الأقل أثناء عملية الإنعاش. وقام الباحثون أيضا بقياس الأكسجين في الدماغ والنشاط الكهربائي لدى بعض المرضى، ووجدوا موجات غاما ودلتا وثيتا وألفا وبيتا مما يشير إلى بعض الوظائف العقلية أثناء الإنعاش القلبي الرئوي.