عمان – يعيش العالم اليوم “عصر القلق والضغوط النفسية” جراء تعقّد أساليب الحياة الاجتماعية وطبيعتها؛ فالأهداف كثيرة والتطلعات عالية في مواجهة العوائق والإحباطات المتتالية.
جراء ذلك كله، هناك أشخاص يُعرفون بنظرتهم السلبية إلى الآخرين وللحياة عموما. ويصبح الأمر خطيرا عندما تصيب تلك النظرة السوداوية العلاقات الزوجية، فيُلقي أحد الشريكين كل ما به من سيئات على الطرف الآخر، مما يهدد بتصدّع الزواج.
يقول المستشار الأسري الدكتور أحمد عبد الله إن الضغوط النفسية والتوتر الذي تتركه اليوميات والأحوال الصعبة، سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، على حياة الزوجين تصب بالنهاية في بيت الزوجين.
التوتر والمراقبة
ويضيف “لا نستطيع القول إن التوتر المهني والصعوبات الحياتية ستؤدي حتما إلى مشكلات وتوترات داخل البيت الزوجي، فالتوتر المنزلي والسلوك التكيفي السلبي، كالصراخ والتجنّب والتخلي عن المسؤوليات، قد يكون ردا على الضغوط الخارجية، أو بسبب قلة معرفة في إدارة شؤون الحياة”، لافتا إلى أنه غالبا ما يتمثل السلوك السلبي -الناتج عن التوترات- في الانتقاد والمراقبة والمقارنة.
يرى عبد الله أن مستوى وعي الزوجين بالضغوط وطرُق إدارة الأزمات ومستوى التفاهم، كلها عوامل تقوم بدور أساسي في استقرار الحياة الزوجية أو اضطرابها.
ويشير إلى أمثلة عدة على وجود توافق بين الزوجين أثناء مرورهما بمشكلات مهنية، مما أثمر سلوكا إيجابيا لديهما كالتلاحم والاحتواء والتفاهم بينهما. لذا، على الزوجين -وفق المستشار عبد الله- امتلاك مفردات التوافق بصرف النظر عن وجود توترات خارجية أم لا.
التوقعات السلبية نحو الشريك
من جانبه، يقول المتخصص في الطب النفسي الدكتور عامر الرواجفة “عندما يمر الإنسان بوضع نفسي سيئ بسبب ظروف الحياة المختلفة، فإن ذلك قد يؤثر في مزاجه ويجعله أكثر قلقا وتوترا، فيميل إلى العصبية والردود العنيفة أو المبالغ فيها، وأحيانا أكثر الأشخاص تأثراً بذلك هم أقرب الناس لهذا الشخص كالعائلة والأصدقاء”.
وتتأثر العلاقات العاطفية سلبا بمرور أحد طرفيْها بوضع نفسي مؤقّت ناتج عن ضغوط الحياة، أو إذا كان يعاني من القلق أو الاكتئاب، وهي اضطرابات نفسية منتشرة بشكل واسع، فيميل المصاب بالاكتئاب -مثلاً- إلى فقدان الاهتمام بالطرف الآخر، مما يؤدي إلى فتور في العلاقة، وبالتالي تدني مستوى الاهتمام المتبادل بين الشريكين. ومن شأن ذلك أن يضفي على العلاقة نوعا من الجمود والملل، وفق الرواجفة.
أما المصابون بالقلق، فقد يؤدي انشغالهم الدائم بالأفكار والتوقعات السلبية نحو الشريك أو الخوف والقلق المبالغ فيه إلى تدهور مسار العلاقة وزيادة الخلافات والمشكلات.
وعليه، ينصح الرواجفة بضرورة تفهّم الوضع النفسي الذي يمر به الشريك ومحاولة احتوائه، وتفهّم سبب ردوده الناتجة عن الضغط النفسي، هل هي نتيجة أحداث يمر بها، أو بسبب اضطراب نفسي يعاني منه؟ وفي كلتا الحالتين، قد تكون استشارة الطبيب أو المتخصص النفسي السبيل الأمثل لإيجاد حلول للمشكلات الزوجية الناتجة عن الحالة النفسية.
تأثير الحياة المجهدة
تحت عنوان “هل يمكن أن تؤثر ظروف الحياة المجهدة على كيفية رؤية الشركاء لبعضهم بعضا؟”، نشر موقع “إس بي إس بي” (SPSP) نتائج دراسة نشرتها مجلة “علم النفس الاجتماعي والعلوم الشخصية”، أفادت بأنه غالبا ما يركّز الشخص الذي يعاني من الإجهاد على السلوك السلبي لشريكه أكثر من سلوكه الإيجابي.
ووفق الدراسة، فإن التوتر يمكن أن يؤثر على الإجراءات التي يلاحظها الشركاء في المقام الأول، وتشمل الأفعال السلبية التي تتم مراقبتها، أو إظهار الغضب أو نفاد الصبر أو انتقاد الشريك.
ولاحظ الباحثون أن يوما واحدا مرهقا لم يكن كافيا لجعل شخص ما يركز على السلوك السلبي لشريكه، ولكن تراكما أطول لظروف الحياة المجهدة من شأنه أن يتسبب في هذا التحوّل في التركيز.