أظهر استطلاع للرأي أن الناخبين الأميركيين العرب والمسلمين الغاضبين من الدعم الأميركي للحرب في غزة يتحولون من تأييد نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة، كامالا هاريس، إلى دعم مرشحة حزب الخضر، جيل ستاين، بأعداد قد تحرم المرشحة الديمقراطية من الفوز في ولايات حاسمة ستحدد مصير انتخابات الرئاسة في الخامس من نوفمبر، وفق ما نقلته رويترز.
وأظهر الاستطلاع الذي أجراه مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية “كير”، في أواخر أغسطس الماضي ونشر في سبتمبر الحالي، أن 40 في المئة من الناخبين المسلمين في ولاية ميشيغان، وهي موطن جالية كبيرة من الأميركيين العرب، أيدوا ستاين المنتمية لحزب الخضر.
وحصل المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، على 18 في المئة، بينما جاءت هاريس، نائبة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في مرتبة متأخرة بنسبة 12 في المئة.
الاستطلاع الذي أجري عبر الرسائل النصية قبل أسبوعين من مناظرة هاريس وترامب، التي تمت في العاشر من سبتمبر، أظهر أن هاريس متقدمة على ترامب بحصدها 29.4 في المئة مقابل 11.2 في المئة للمرشح الجمهوري، ويفضل 34 في المئة مرشحي طرف ثالث منهم ستاين التي حصدت 29.1 في المئة.
وبين استطلاع “كير” الذي شمل 1155 ناخبا مسلما في أنحاء الولايات المتحدة أن هاريس تمثل الاختيار الأول للناخبين المسلمين في جورجيا وبنسلفانيا، بينما تقدم ترامب في نيفادا بحصوله على 27 في المئة، متفوقا بواحد في المئة فقط على هاريس. وجميعها ولايات متأرجحة لم تحسم إلا بهامش ضئيل في الانتخابات الأخيرة.
وحزب الخضر متواجد على قوائم التصويت في أغلب الولايات، بما في ذلك جميع الولايات التنافسية التي قد تحسم نتيجة الانتخابات، ما عدا ولايتي جورجيا ونيفادا حيث يخوض الحزب معركة قضائية من أجل إدراجه على قوائم التصويت.
كما تتقدم ستاين على هاريس بين المسلمين في أريزونا وويسكونسن، وهما ولايتان متأرجحتان تضمان عددا كبيرا من السكان المسلمين حيث هزم بايدن ترامب، في 2020، بهامش ضئيل.
فاز بايدن بأصوات المسلمين، في عام 2020، إذ حصل بحسب استطلاعات للرأي عقب التصويت على تأييد ما يتراوح بين 64 و84 في المئة منهم، لكن دعم المسلمين للديمقراطيين انخفض بشكل حاد منذ الحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل في غزة منذ قرابة العام.
وقالت حركة “غير ملتزم”، الخميس، إنها لن تدعم هاريس على الرغم من معارضة الحركة لترامب، وإنها لن توصي بالتصويت لطرف ثالث. وذكرت الحركة أن ترامب سيسرع أعمال القتل في غزة إذا أعيد انتخابه، لكن هاريس لم تستجب لطلب الحركة بالاجتماع مع الأميركيين من أصل فلسطيني ممن فقدوا ذويهم في غزة، بالإضافة إلى عدم موافقتها على مناقشة وقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل.
وقال متحدث باسم حملة هاريس إن المرشحة الديمقراطية ملتزمة بكسب كل صوت وتوحيد البلاد، مع مواصلة العمل لإنهاء الحرب في غزة. وأحجمت الحملة في وقت سابق عن التعليق على تحول التأييد عنها بين العرب والمسلمين. ولم يكن مسؤولون مكلفون بالتواصل مع المسلمين متاحين لإجراء مقابلات مع رويترز.
وحشدت حركة “غير ملتزم” أكثر من 750 ألف ناخب للتصويت لخيار غير ملتزم خلال منافسات الترشح عن الحزب الديمقراطي للرئاسة في وقت سابق هذا العام للاحتجاج على سياسة بايدن الداعمة لحرب إسرائيل على غزة. وانسحب بايدن من السباق، في يوليو، وأيد ترشيح هاريس التي دشنت حملتها بعد ذلك.
وقطعت هاريس شوطا أكبر من مسؤولين آخرين في إدارة بايدن إذ عبرت عن تعاطفها مع الفلسطينيين وتنتقد بشدة سلوك إسرائيل في الوقت نفسه الذي تلتزم فيه بسياسة إدارة بايدن، وهو ما أحبط الناخبين الأميركيين من العرب والمسلمين.
وأفاد نحو 3.5 مليون أميركي بأنهم من أصول تعود لمنطقة الشرق الأوسط في تعداد الولايات المتحدة لعام 2020، وهو العام الأول الذي تسجل فيه مثل هذه البيانات. ورغم أنهم لا يشكلون سوى واحد في المئة تقريبا من إجمالي سكان الولايات المتحدة البالغ عددهم 335 مليون نسمة، فإن ناخبيهم قد يثبتون أنهم حاسمون في سباق تظهر استطلاعات الرأي أنه متقارب بين هاريس وترامب.
ودعت هاريس، الثلاثاء، إلى إنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس وإعادة الرهائن الذين تحتجزهم حماس في القطاع. وقالت أيضا إن إسرائيل يجب ألا تعاود احتلال القطاع الفلسطيني وعبرت عن دعمها لحل الدولتين.
لكن زعماء الجالية العربية والإسلامية يقولون إن مسؤولي حملة هاريس رفضوا خلال اجتماعات مغلقة في ميشيغان وأماكن أخرى النداءات بوقف إرسال الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل أو الحد منها.
وقالت فاي نمر، مؤسسة غرفة التجارة الأميركية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومقرها ميشيغان، التي تهدف لتعزيز التجارة الأميركية مع المنطقة “التنظيم المجتمعي والمشاركة المدنية والتعبئة على مدى عقود لم تسفر عن أي فائدة”.
وأضافت لرويترز “نحن جزء من نسيج هذا البلد، لكن مخاوفنا لا تؤخذ في الاعتبار”.
وتخوض ستاين حملة تستند بقوة إلى غزة، في حين يلتقي ممثلو ترامب مع المجموعات الإسلامية ويعدون بإحلال سلام أسرع مما تستطيع هاريس تحقيقه.
وحصلت ستاين، في عام 2016 على ما يزيد قليلا عن واحد بالمئة فقط من الأصوات، لكن بعض الديمقراطيين ألقوا باللوم عليها وعلى حزب الخضر في انتزاع الأصوات من الديمقراطية، هيلاري كلينتون. ولا يتوقع منظمو استطلاعات الرأي أي فرصة لفوز ستاين، في عام 2024.
لكن دعمها لوقف دائم لإطلاق النار في غزة وفرض حظر فوري على الأسلحة الأميركية لإسرائيل ولحركات الطلاب الهادفة لإجبار الجامعات على سحب استثماراتها في الأسلحة جعلها محط الأنظار في الدوائر المؤيدة للفلسطينيين. أما زميلها على بطاقة الترشح، بوتش وير، وهو أستاذ في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، فهو مسلم.
وتحدثت ستاين، في سبتمبر الجاري، في مؤتمر “عرب كون” في ديربورن بولاية ميشيغان، وهو تجمع سنوي للأميركيين العرب، وظهرت على غلاف صحيفة “ذا أراب أميركان نيوز” تحت عنوان “الاختيار 2024”.
وقالت في مقابلة الأسبوع الماضي مع برنامج “ذا بريكفاست كلوب” الإذاعي في نيويورك: “كل صوت تحصل عليه حملتنا هو تصويت ضد الإبادة الجماعية”، وهي التهمة التي تنفيها إسرائيل.
حملة ترامب تحاول استقطاب أصوات العرب
قال ريتشارد غرينيل القائم السابق بأعمال مدير المخابرات الوطنية في عهد ترامب إنه في هذه الأثناء، نظمت حملة ترامب العشرات من الفعاليات سواء بالحضور الفعلي أو عبر الانترنت للأميركيين من أصول عربية والمسلمين في ميشيغان وأريزونا.
وقال غرينيل: “يعلم زعماء الأميركيين العرب في ديترويت أن هذه هي فرصتهم لتوجيه رسالة قوية إلى الحزب الديمقراطي مفادها أنه ينبغي عدم الاستهانة بهم”. وقال ترامب إنه سيعمل على إبرام المزيد من اتفاقات السلام العربية الإسرائيلية.
وهزم بايدن منافسه ترامب في انتخابات 2020 بآلاف فقط من الأصوات في بعض الولايات، ويرجع ذلك لأسباب منها دعم الناخبين العرب والمسلمين في الولايات التي يتركزون فيها مثل جورجيا وميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن.
وفاز بايدن في ولاية ميشيغان بفارق 154 ألف صوت في 2020، لكن ترامب هزم مرشحة الحزب الديمقراطي، كلينتون، في الولاية ذاتها بأقل من 11 ألف صوت في انتخابات 2016. وتضم الولاية مجموعات متداخلة تضم أكثر من 200 ألف ناخب مسجل من المسلمين و300 ألف ناخب من أصول من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي فيلادلفيا التي تضم عددا كبيرا من السكان المسلمين السود، انضم نشطاء إلى حملة وطنية تحت عنوان “التخلي عن هاريس”. وساعدوا في تنظيم احتجاجات خلال مناظرة لها أمام ترامب الأسبوع الماضي.
وقال رابيول شودري، أحد رؤساء مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية في فيلادلفيا: “لدينا خيارات. إذا تعهد ترامب بإنهاء الحرب وإعادة جميع الرهائن إلى ديارهم ستنتهي اللعبة بالنسبة لهاريس”.
وقال ترامب إن الحرب لم تكن لتندلع أبدا لو كان رئيسا. ولم يوضح المؤيد القوي لإسرائيل كيف بإمكانه إنهاؤها.