في وقت ركز فيه الإعلام المؤيد للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، على لقطات تلفزيونية تظهر إقبالا على اللجان الانتخابية، كانت المعارضة التي دعت لمقاطعة الانتخابات الرئاسية، تنشر ما يشكك في نزاهة العملية التي قالوا إنها محسومة سلفا.

في حين قال مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، أحمد بنداري، في مؤتمر صحفي: “نشكر المواطنين والناخبين على التفاعل الإيجابي والملحوظ”، مشيرا إلى انتهاء بطاقات الاقتراع في بعض الأماكن، “هذا أمر أبهرنا ولم يكن متوقعا حدوثه بحلول منتصف اليوم الأول من العملية الانتخابية”. 

وأضاف أن “غرفة العمليات تلقت عدة شكاوى بسبب البطء والكثافات العالية أمام اللجان على مستوى محافظات الجمهورية”، بحسب ما نقلت صحيفة “الشروق”. 

وفتحت مراكز الاقتراع في مصر أبوابها صباح الأحد، لانتخابات رئاسية تجرى على مدار 3 أيام، تبدو محسومة النتائج لجهة فوز السيسي (69 عاما)، بولاية ثالثة، أمام ثلاثة مرشحين غير معروفين على نطاق واسع من الجمهور.

وعند الساعة 14،30 بتوقيت غرينتش كان “5 ملايين” ناخب أدلوا بأصواتهم بالفعل، من بين 67 مليون مصري لهم الحق في التصويت، بحسب اللجنة العليا للانتخابات.

ونقلت صحيفة “مدى مصر” المستقلة، عن مصدر قضائي، أنه تم تقليص عدد دوائر الانتخاب وعدد القضاة المشاركيين في الإشراف على الانتخابات الجارية، مقارنة بالانتخابات السابقة، رغم زيادة عدد الناخبين من 54 مليونا في 2014 إلى أكثر من 67 مليونا، مما يجعل مشهد الزحام “غير حقيقي في بعض الأوقات”. 

كما نقلت عن مصدر قضائي يشرف على التصويت في مدرسة في منطقة سكنية عشوائية مكتظة بالسكان، أن ذروة الزحام كان عند بدء  التصويت في الفترة من التاسعة وحتى الحادية عشرة صباحًا، وبعدها قلت الأعداد تدريجيا، بحسب الصحيفة. 

ولا تثير هذه الانتخابات حماسة المصريين بعد أن ألقت الحرب بين إسرائيل وحركة (حماس) في قطاع غزة المجاور، ظلالها على الحملة الانتخابية التي انطلقت في نوفمبر.

وباتت البرامج التلفزيونية المسائية في القنوات المحلية المقربة من السيسي، تحاول الآن الربط بين الانتخابات والحرب في غزة.

ونشر الصحفي فتحي أبو حطب على حسابه على منصة أكس، ما قال إنها قائمة حددتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية المملوكة للدولة، “تم توزيعها أمس، تتضمن أسماء الضيوف، المسوح لهم بالظهور على القنوات التلفزيونية التابعة للشركة للتعليق على انتخابات الرئاسة”. 

وذكر حساب “صحيح مصر”، أن الشركة أصدرت “نشرة بالمحظورات خلال تغطية الانتخابات، تضمنت منع تصوير أو بث أي خروق تعتري مسار الانتخابات، أو إظهار عزوف الناخبين عن المشاركة، في مخالفة واضحة وصريحة لقانون مباشرة الحقوق السياسية”. 

وتضمنت “قائمة محظورات المتحدة منع بث أي مواد تُظهر أشكال التعبئة أو الحشد للمواطنين للتوجه إلى التصويت. ومنع تصوير أو بث أي لقطات لتوزيع المواد الغذائية على المواطنين قبل أو بعد التصويت، أو أي لقطات للأتوبيسات التي تنقل المواطنين إلى أماكن الاقتراع”. 

كما شملت المحظورات “منع بث أي مواد تُظهر عزوف المواطنين عن المشاركة في التصويت والفراغ داخل اللجان، أو أي مواد تُظهر إصدار التعليمات للمواطنين وتوجيههم للتصويت لمرشح بعينه، أو أي دعاية للمرشحين داخل اللجان، أو أي صورة تعبر عن مشاكل التنظيم الجيد”، بحسب “صحيح مصر” الذي اعتبر أن “الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، تشارك في عملية تعتيم ممنهجة على المواطنين خلال سير العملية الانتخابية”، منوها أنها مملوكة لشركة إيجل كابيتال للاستثمارات المالية، المملوكة لأحد الأجهزة الأمنية التابعة للدولة المصرية. 

والأحد، أعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إجراء تحقيق فوري مع المسؤولين عن موقع “صحيح مصر” وإحالتهم إلى النائب العام، “بعد تلقيه شكاوى بنشر أخبار كاذبة وإشاعة الفتن بين جموع الناخبين، بقصد تشويه صورة الانتخابات التي تجرى وفقا لأعلى المعايير الإعلامية على المستوى الدولي”. 

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديوهات، لم يتسن لموقع “الحرة” التأكد من صحتها، قالوا إنها تظهر حشدا وتعبئة لناخبين بالترهيب من جانب عناصر أمن في زي مدني. 

وقالت صحيفة “مدى مصر” المستقلة إن العديد من المصوتين الذين اصطفوا أمام لجان الاقتراع قبل بدء التصويت في أول أيام الانتخابات الرئاسية داخل مصر، أغلبهم من السيدات وكبار السن، نُقلوا مجانًا بميكروباصات وأتوبيسات و”تكاتك” من منازلهم ومقار عملهم ومن المعاهد والكليات.

وحاول وجهان من المعارضة خوض غمار الانتخابات، دون جدوى. ويقبع أحدهما، وهو الناشر الليبرالي هشام قاسم، في السجن حاليا. أما الآخر، وهو النائب السابق المعارض أحمد الطنطاوي، فبدأت محاكمته بتهمة “تداول أوراق تخص الانتخابات بدون إذن السلطات”.

وقال الناشط السياسي الصحفي خالد داوود إن الانتخابات تأتي “في ظل جو خانق وقمع للحريات والسيطرة التامة (من قبل السلطات) على الإعلام الرسمي والخاص وإصرار الأجهزة الأمنية على منع المعارضة من العمل في الشارع”.

وأضاف “لسنا واهمين أن الانتخابات تجري في ظروف مثالية أو تلبّي الضمانات التي طالبنا بها لكي تتمتع بالمصداقية والنزاهة”.

غير أنه أكد أنه سيشارك في الانتخابات ويعطي صوته لفريد زهران “لتصل رسالة واضحة وصريحة للنظام الحالي: إننا نطمح الى التغيير ونتمسك به، وبعد عشر سنوات من إدارته للبلاد أصبحنا في وضع شديد الصعوبة وتدهورت الأوضاع المعيشية للمصريين ونواجه خطر الإفلاس بسبب سياسات النظام الحالي”، بحسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس. 

لكن مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، حسام بهجت، كتب في تغريدة على منصة “أكس”، “إذا كنت تعتقد أن مشاركتك في الانتخابات ستزيد من الأصوات الباطلة أو أصوات المنافسين، فيجب أن تعلم أن لجان التصويت الفرعية هذه المرة ممنوع تعلن نتائجها. ولا السفارات مسموح تعلن نتائج تصويت مصريي الخارج. وحدها الهيئة الوطنية للانتخابات ستعلن النتائج النهائية. ليست مقاطعة وإنما ازدراء”. 

أما الناشطة سلافة مجدي التي تعيش في المنفى حاليا، فقالت إن صوتها في الانتخابات يذهب إلى معتقلين في السجون المصرية، بسبب موقفهم السياسي. 

ووصل السيسي، وزير الدفاع والقائد السابق للجيش، الى السلطة إثر إطاحته الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو 2013. وفي انتخابات عامي 2014 و2018، فاز السيسي بأكثر من 96% من الأصوات.

وبعد ذلك أدخل تعديلا دستوريا لتصبح ولايته الثانية ست سنوات بدلا من أربع وليتمكن من الترشح لولاية ثالثة.

وفي هذا السياق تتجه الأنظار إلى نسبة المشاركة التي بلغت 41،5% في 2018، أي أقل بست نقاط عن الانتخابات السابقة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version