يتسارع نبذ المجتمع الأوكراني للكنائس المرتبطة بروسيا بعد الغزو على البلاد المستمر منذ فبراير للعام الماضي، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
لمدة عقدين من الزمن، عمل إيليا سولكان، كاهن الرعية في قرية أوكرانية صغيرة خارج العاصمة كييف، حيث قام بمراسم العمادة للأطفال وأشرف على عقو الزواج وأقامها وحضر الجنازات.
وتقع الكنيسة الأرثوذكسية في قلب قرية بليستافيتسيا الصغيرة وكان لسولكان من أبرز القائمين عليها، لكنه اليوم يشعر بالوحدة في قريته بعدما طرده أبناء الرعية في أكتوبر الماضي بسبب وضع السياسة في رعايته.
ويعكس عزل سولكان، وهو كاهن ليس له مكانة عامة خارج قريته، الرفض التدريجي من قبل الكثير من المجتمع الأوكراني للكنيسة التي تستجيب لموسكو، وهي حالة تبلورت بسبب الحرب.
على وجه التحديد، يتحدث سولكان عن الانقسام بين فرعي المسيحية الأرثوذكسية، وهي الديانة الأكثر انتشارا في البلاد.
في أوكرانيا، تتمتع الكنيسة الأرثوذكسية بذراع وطني مستقل، اكتسب رسميا مكانة قانونية من الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية عام 2018، أما الذراع الذي ينتمي إليه سولكان مرتبطا بالكنيسة الأرثوذكسية الروسية في موسكو.
لسنوات، كان ذراعه رمزا للنفوذ الروسي في أوكرانيا، ومنذ الغزو، أصبح هدفا لتخليص البلاد من التأثير الثقافي الروسي.
ويعد زعيم الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، البطريرك كيريل، مؤيدا للرئيس فلاديمير بوتين.
وعززت كنيسته وجهة نظر موسكو القائلة بأن الجذور الثقافية لأوكرانيا في روسيا، وهو الأساس المنطقي الذي استخدمه الزعيم الروسي لتبرير الغزو الشامل.
ونفى ممثلو الكنيسة الأرثوذكسية الروسية دعمهم للغزو وجادلوا بأن مؤسستهم ضحية للاضطهاد، وهي القضية التي أثارتها روسيا في اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أواخر يوليو الماضي.
وقبل أيام من الاجتماع، هاجم أحد نواب الكنيسة، البطريرك كيريل، برسالة غاضبة بعد أن ألحقت الصواريخ الروسية أضرارا بالغة بواحدة من أكبر الكنائس الأرثوذكسية في البلاد، وهي كاتدرائية أوديسا للتجلي.
وقال “إن أساقفتكم وكهنتكم يكرسون ويباركون الدبابات والصواريخ التي تقصف مدننا المسالمة”.
وكانت تتخلل خطب سولكان لسنوات تعبيرات الدعم لسياسة الكرملين الخارجية، بما في ذلك القول إن موسكو كانت على حق عندما ضمت شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني عام 2014، علاوة على التحدث معهم بانتظام باللغة الروسية بدلا من الأوكرانية.
وقالت زويا ديهتيار، رئيسة مجلس الرعية التي صوتت لطرده، “كانت روسيا تستخدم الكنيسة دائما كأداة للتأثير الدعائي، وكسكان هذه القرية، لم يكن ذلك مقبولا بالنسبة لنا”.
ورفض سولكان التعليق على آرائه السياسية، خوفا من أن أي شيء قاله قد يوقعه في المشاكل.
وحولت أكثر من 1500 كنيسة محلية، مثل تلك الموجودة في قرية بليستافيتسيا، ولائها للكنيسة الوطنية الأوكرانية بمعدل يصل إلى 13 بالمئة من الكنائس في أجزاء من أوكرانيا، وفقا لخدمة المعلومات الدينية في أوكرانيا، وهي منظمة غير حزبية.
وقال مدير خدمة المعلومات الدينية، تاراس أنتوشفسكي، “لدينا ثورة في أوكرانيا”، لافتا إلى أن “كبار قادة بطريركية موسكو لا يريدون التغيير، لكن الناس لا يستطيعون تحمل ذلك بعد الآن”.