عادت حلب، ثاني أكبر المدن السورية، للواجهة مجددا هذا الأسبوع مع إعلان فصائل من المعارضة المسلحة السورية، الجمعة، نجاحها في الدخول لعدة أحياء بالمدينة بعد معارك محتدمة مع قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها المدينة لهجوم من قبل قوات المعارضة منذ عام 2016، عندما طُردت من الأحياء الشرقية في حلب بعد حملة عسكرية شاقة دعمت فيها قوات الحكومة السورية من قبل روسيا وإيران والجماعات المتحالفة معها.
وتمثل تطورات هذا الأسبوع من بين الأكبر في السنوات الأخيرة من قبل فصائل المعارضة، بقيادة هيئة تحرير الشام، وتعد أشد المعارك في شمال غرب سوريا منذ عام 2020، عندما استولت القوات الحكومية على مناطق كانت تسيطر عليها سابقا قوات المعارضة.
وكانت التحركات هذا الأسبوع من بين الأكبر في السنوات الأخيرة من قبل فصائل المعارضة، بقيادة هيئة تحرير الشام، وتمثل أشد المعارك في شمال غرب سوريا منذ عام 2020، عندما استولت القوات الحكومية على مناطق كانت تسيطر عليها سابقًا قوات المعارضة.
وشنت فصائل معارضة بقيادة جماعة هيئة تحرير الشام هجوما يوم الأربعاء اجتاحت خلاله 12 بلدة وقرية في محافظة حلب بشمال غرب البلاد، والتي تسيطر عليها القوات السورية.
مراحل الصراع
في يوليو 2012 وبعد عدة أشهر من اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، بدأت معركة السيطرة على حلب بين جيش النظام السوري وفصائل المعارضة، مع تعزيز القوات الحكومية لوجودها في المدينة.
بعد مواجهات عنيفة بدأت قوات النظام السوري تفقد السيطرة على مناطق واسعة من حلب، بما في ذلك بعض الأحياء الجنوبية.
استمرت المعارك في المدينة عدة أشهر، مع تأثير كبير على المدنيين والبنية التحتية الذين عانوا من جراء فرض القوات السورية حصارا محكما على بعض المناطق في حلب، في وقت بدأت فيه المعارضة المسلحة السيطرة على مناطق أخرى في المدينة.
تواصل القتال حتى نهاية عام 2014 وسط تدخلات من جماعات متعددة مثل جبهة النصرة (الفرع السوري للقاعدة) وتنظيم داعش الإرهابي، مع استمرار القوات الحكومية بمحاصرة الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في شرق حلب.
نقطة التحول
في عام 2015 ساهم التدخل العسكري الروسي لصالح حكومة الرئيس بشار الأسد في تغيير مجريات الحرب في حلب، مما زاد من الضغط على فصائل المعارضة.
تدخلت روسيا، حليفة الرئيس السوري بشار الأسد ولديها قاعدة جوية ومنشأة بحرية في سوريا، عسكريا إلى جانب الأسد في القتال ضد قوات المعارضة في سبتمبر من ذاك العام.
واعتبرت معركة حلب عام 2016 نقطة تحول في الحرب بين القوات الحكومية السورية والمقاتلين المتمردين منذ تحولت الاحتجاجات ضد حكم بشار الأسد عام 2011 إلى حرب شاملة.
ساعدت روسيا وإيران والجماعات المتحالفة معها القوات الحكومية السورية في استعادة السيطرة على حلب بالكامل في ذلك العام، بعد حملة عسكرية شاقة وحصار استمر لأسابيع.
في البداية نجحت القوات الحكومية السورية في تحقيق انتصارات في محيط المدينة، قبل أن تتصاعد الهجمات الجوية السورية والروسية على حلب، ما أدى لمقتل آلاف المدنيين.
في يوليو 2016 شنت القوات السورية المدعومة من روسيا هجوما واسعا لاستعادة السيطرة على حلب الشرقية التي كانت تحت سيطرة المعارضة.
وفي ديسمبر 2016 أعلنت القوات الحكومية السيطرة على حلب الشرقية بعد معارك دامية قتل خلالها الآلاف من المدنيين، وبعدها بأسابيع تمكنت الحكومة السورية من استعادة السيطرة على معظم أنحاء حلب.
خسائر فادحة
تعد حلب، ثاني أكبر المدن السورية، وقد كانت أكبر المراكز الاقتصادية في البلاد قبل أن يتم تدميرها بفعل الحرب.
تحولت المدينة بفعل القصف الجوي السوري والروسي إلى ما يشبه كومة من الأنقاض حيث جرى استخدام البراميل المتفجرة لمحو أحياء كاملة في المدينة.
في عام 2016 نشرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرا قالت فيه إن القوات الروسية والسورية استخدمت براميل متفجرة وذخائر عنقودية وأسلحة حارقة في الهجمات.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة الصادرة في عام 2020 فقد قتل في الهجمات أكثر من 51 ألف مدني.
كذلك شهدت بعض أحياء المدينة هجمات متكررة بالأسلحة الكيماوية حسب تقارير متعددة وأشدها حسب هذه التقارير كان في: خان العسل في محافظة حلب 2013، وحي الشيخ مقصود في محافظة حلب 2016.
كذلك تعرضت البنية التحتية في حلب لدمار هائل حيث تضررت الطرق الرئيسية والجسور والمرافق العامة مثل المستشفيات والمدارس، وتحولت العديد من الأحياء السكنية في شرقي المدينة لدمار تام وأصبحت معظم المباني غير صالحة للسكن.
أجبرت المعارك مئات الآلاف من سكان حلب على النزوح، سواء إلى مناطق أخرى داخل سوريا أو إلى دول مجاورة.
واليوم نتيجة لتجدد المعارك في حلب نزح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم تقريبا من الأطفال، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.