قبل فترة قصيرة من ظهوره في خطاب الاثنين، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتلقى اتصالات من حلفاء موسكو القلقين بسبب محاولة قائد مرتزقة فاغنر، يفغيني بريغوزين، الانقلابية.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن بوتين تلقى اتصالات من قادة إيران وقطر ودول صديقة أخرى، و”تلقى تعبيراتهم عن الدعم بينما وعد بالعودة إلى الاستقرار”.
ويعتقد محللون تحدثوا للصحيفة أنه فيما قد يكون من المستبعد أن يتخلى أصدقاء موسكو عنها، فإن من المرجح أن “يراهنوا بحذر” على مستقبل روسيا واستقرارها.
ونقلت الصحيفة عن مايكل أ. ماكفول، السفير الأميركي السابق في روسيا قوله “إذا كان هدفك هو الاستقرار، فيجب أن تكون قلقا بشأن قدرة بوتين على توفير هذا الاستقرار”.
وأضاف ماكفول إن تمرد يفغيني بريغوزين قدم لأوكرانيا وحلفائها فرصة جديدة لإقناع القادة الأجانب، من بكين إلى برازيليا، بأن دعم روسيا، أو البقاء على الحياد، كان رهانا خاطئا.
الصين
تعتبر الصين، وفقا للصحيفة، روسيا عاملا مهما في حملتها لإضعاف الولايات المتحدة.
والاثنين، أكدت وزارة الخارجية الصينية دعمها لروسيا، واصفة إياها بأنها “جار صديق وشريك استراتيجي شامل للتنسيق في العصر الجديد”.
مع هذا فإن الرئيس الصيني لم يتحدث مع نظيره الروسي منذ انطلاق المحاولة الانقلابية.
وقال إيفان ميديروس، أستاذ الدراسات الآسيوية في جامعة جورج تاون للصحيفة “أسوأ سيناريو لشي هو بوتين ضعيف يخسر الحرب ويطاح به في النهاية”، مضيفا أن “روسيا ضعيفة تحرم الصين من حليف في منافستها مع الولايات المتحدة، وربما الأسوأ من ذلك، تترك شي معزولا عالميا وتحت ضغط من الديمقراطيات”.
الشرق الأوسط
وتقول الصحيفة إن مزيجا مماثلا من الدعم والشكوك بدا واضحا في الشرق الأوسط.
وفيما حافظت السعودية ودول الخليج الأخرى على علاقاتها مع روسيا رغم الحرب في أوكرانيا، غالبا بسبب “نظرتها بشكل متزايد إلى بوتين كمصدر بديل للأمن في منطقة مضطربة حيث ينظر إلى الولايات المتحدة على أنها تنسحب”.
وتلقى بوتين، وفقا للصحيفة، اتصالات من أمير قطر ورئيس الإمارات وولي العهد السعودي.
وأعرب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الثلاثاء عن دعمه “للخطوات التي اتخذتها روسيا للدفاع عن النظام الدستوري”، وفقا للكرملين.
وتقول الصحيفة إن هذا الخطاب “يغطي على التوترات بين المملكة العربية السعودية وروسيا”، حيث تبيع موسكو النفط بقوة بأسعار منخفضة، في الوقت الذي تحاول فيه المملكة العربية السعودية دعم السعر.
وتنقل الصحيفة عن مارتن إنديك، زميل مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، قوله إن الرياض وعواصم الخليج الأخرى “اعتقدت أن بإمكانها تحقيق التوازن بين الولايات المتحدة غير الموثوقة وروسيا الأكثر موثوقية” مستدركا “لكنهم الآن يواجهون روسيا غير موثوقة وربما غير مستقرة”.
إيران
تحدث الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى بوتين الاثنين لتقديم “دعمه الكامل”، وفقا للكرملين، فيما أعلنت إيران أن قائد شرطتها، العميد أحمد رضا رادان، سيسافر إلى موسكو بدعوة من المسؤولين الروس لتوسيع التعاون الأمني، بما في ذلك مكافحة الجريمة المنظمة.
وتنقل الصحيفة عن إنديك ترجيحه لأن يكون “ضعف بوتين مفيدا لإيران في بعض النواحي، لأنه يجعله أكثر اعتمادا على الطائرات من دون طيار والصواريخ التي تنقلها طهران إلى روسيا، كما أنه يمنح إيران حرية أكبر في سوريا”.
ولكن حتى في طهران، كانت هناك أصوات متفرقة تدعو إلى إعادة تقييم العلاقة في أعقاب تمرد بريغوجين، وفقا للصحيفة.
وبالنسبة لبعض البلدان، مثل الهند، فإن هناك عواقب اقتصادية كبرى لإعادة ضبط العلاقات مع روسيا.
وبرزت الهند، التي لا تزال محايدة في الصراع، كواحدة من أكبر مشتري النفط الروسي، مستفيدة من سقف الأسعار المفروض على صادرات النفط الروسية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.
وخلال زيارة الدولة التي قام بها مؤخرا إلى واشنطن، لم يظهر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أي مؤشر يذكر على أنه يعتزم التخلي عن هذه السياسة.
نهاية فاغنر؟
وتقول الصحيفة إن روسيا حصلت في بعض الأحيان على الدعم نتيجة لنشاطات فاغنر في بعض الدول، مثل مالي التي يعتقد أن مجموعة المرتزقة تقود نشاطات عسكرية بالتعاون مع الحكومة لمقاتلة متمردين.
و في فبراير كانت مالي واحدة من سبع دول فقط – من بينها بيلاروسيا وكوريا الشمالية – تصوت ضد قرار الأمم المتحدة الذي يطالب بانسحاب القوات الروسية من أوكرانيا.
وفي غياب فاغنر، من غير المعروف كيف ستعيد تلك الدول رسم علاقاتها مع روسيا.
ولم يعلق المسؤولون في مالي بعد على الأزمة في روسيا، مما يؤكد “مأزقهم” وفقا للصحيفة.