أعلن الجيش الأوكراني مجددا إسقاط صواريخ روسية من طراز “كينجال” فرط الصوتية، وذلك بعدما استخدمتها موسكو لقصف العاصمة كييف، ما يزيد التكهنات التي تدور حول جدوى هذا السلاح الذي طالما قالت روسيا إنه لا يمكن لمنظومات الدفاع الجوي إيقافه.
يوم الجمعة، قال سلاح الجو الأوكراني إنه أسقط 12 صاروخًا روسيًا بينها ستة من طراز “كينجال” وستة من طراز “كاليبر” بجانب طائرتي استطلاع مسيرتين.
وكانت موسكو نفت في أوقات سابقة، أن تكون أوكرانيا أسقطت أي من صواريخ كينجال، ونقلت وكالات روسية عن مسؤول بوزارة الدفاع إن منظومات الدفاع الجوي التي تمتلكها أوكرانيا مثل “باتريوت” لا يمكنها إسقاط هذا النوع من الصواريخ فرط صوتية.
وكشفت روسيا لأول مرة في مارس من العام الماضي عن استخدام مثل هذا النوع من الصواريخ في هجماتها، وذلك عبر تدمير مخزن أسلحة تحت الأرض غربي أوكرانيا.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان آنذاك، إنه تم استخدام صواريخ فرط صوتية، في قصف مكثف على مناطق أوكرانية “ردا على توغل مخربين من أوكرانيا مؤخرا في الأراضي الروسية”.
وبحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، فقد كان هذا هو أول استخدام معلن لصاروخ “كينجال”، وحينها نقلت شبكة “سي إن إن” عن مسؤولين أميركيين أن واشنطن تمكنت من تتبع حركة الصواريخ بشكل فوري خلال فترة تحليقها.
وجاء أول إعلان أوكراني عن إسقاط 6 صواريخ من هذا النوع، في مطلع مايو الماضي بفضل نظام الدفاع الجوي الأميركي باتريوت، وحينها نفت موسكو الأمر بشكل واضح.
وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، لوكالة ريا نوفوستي، إن “روسيا لم تطلق هذا العدد من صواريخ (كينجال) خلال الهجوم”
فشل روسي؟
أشار خبراء عسكريون غربيون على مدار الأشهر الماضية إلى أن روسيا تبالغ في قدرات مثل هذا الصاروخ، حيث تقول إنه قادر على تفادي أنظمة الدفاع الجوي لسرعته التي قد تتجاوز “ماخ 10” أي نحو 12 ألف كلم في الساعة.
ووصل الأمر إلى حديث مسؤولين أوكرانيين أن تلك الصواريخ ليست فرط صوتية من الأساس.
من جانبه يرى الأستاذ الزائر في الأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل، سيد غنيم، أن صواريخ كينجال “بالفعل فرط صوتية”، موضحًا أنه يمكن رصد سرعتها بأكثر من طريقة والتأكد من ذلك.
وأشار أيضًا في تصريحات لموقع “الحرة”، إن هناك مبالغة من الطرفين عند الحديث عن أنها “لا تقهر” أو أنها “ليست فرط صوتية”، وقال إن الأوكرانيين لا يكذبون بالإعلان عن إسقاطهم بعضا منها.
الهدف من الصواريخ فرط الصوتية بالأساس هو استهداف المناطق تحت الأرض التي لا يمكن للصواريخ العادية الوصول إليها كما حدث في أول ضربة روسية في أوكرانيا باستخدام “كينجال”، بحسب غنيم.
وقال إنه صاروخ “قادر على تحقيق هدفه بنسبة دقة عالية”، لكن مشكلته تكون التكلفة العالية لأنه يحتاج إلى أشباه موصلات وخامات يصعب على روسيا استيرادها وخصوصًا في ظل الحصار الغربي الحالي عليها.
كما أوضح غنيم أن فكرة أن الصاروخ فرط صوتي لا تعني أنه قادر على الهروب من كل الصواريخ المضادة، مشيرًا إلى أن اعتراض الصاروخ لا يتم عبر ملاحقته، ولكن يتم عبر منظومات دفاع جوي تطلق عدة صواريخ بزوايا ومسافات وأماكن مدروسة تمنع الصاروخ من وصوله إلى منطقة بعينها.
كان استخدام روسيا لهذا الصاروخ في العام الماضي “سابقة عالمية” بحسب ما ذكره فاسيلي كاتشين، المحلل العسكري ومدير مركز أبحاث كلية الاقتصاد العليا في موسكو، لوكالة فرانس برس. وأشار إلى أن ذلك جاء بهدف “إظهار القدرات العملية لهذه الصواريخ”.
فيما ذكر خبير روسي آخر، بافيل فلغنهاور، للوكالة أن استخدام “كينجال” لا يمنح موسكو تفوقا استراتيجيا في الحرب، بقدر ما يعزز العامل النفسي والثقة الناتجة عن دفع روسيا بأحد أبرز إنتاجاتها ذات القوة التدميرية الى المعركة.
وقال “هذا الأمر لا يغيّر في عمق الواقع الميداني، لكن له تأثير بالتأكيد في مجال الدعاية النفسية لإخافة الجميع”.
كما نقلت مجلة نيوزويك، في وقت سابق تصريحات رئيس جهاز الاستخبارات الأوكراني السابق ميكولا مالوموز، زعم فيه أن مطوري هذا الصاروخ “خدعوا” الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن قدراته بعدما أقنعوه بأنه فرط صوتي ولا يُقهر وهو الأمر الذي تباهى به بوتين شخصيا.
وأوضح أيضًا أن التقارير حول إسقاط صواريخ “كينجال” تكشف أن الهجمات باستخدامه انتهت بـ”فشل ذريع”.
ما هو صاروخ كينجال؟
تم تصميم الأسلحة التي تفوق سرعة الصوت لتكون سريعة جدا بحيث لا يمكن إسقاطها بواسطة أنظمة الدفاع الصاروخي التقليدية، وفقا لصحيفة “التايمز” البريطانية.
ويمكن لصواريخ “كينجال” التي كشف عنها بوتين قبل خمس سنوات، أن تتسارع إلى أربعة أضعاف سرعة الصوت بمدى يصل إلى حوالي 1250 ميلا، ويعتقد أنها ذات “قدرة نووية”، وفقا لـ”شبكة Npr”.
وعادة ما تطير على ارتفاعات أقل من الصواريخ الباليستية ويمكن أن تحقق سرعة تزيد عن خمسة أضعاف سرعة الصوت، أو 3850 ميلا في الساعة، حسب “التايمز”.
ويدعي الكرملين أن سرعة السلاح قصوى تبلغ 7500 ميل في الساعة، وهو ما سيكون أكثر من ضعف الأسلحة التي طورتها دول أخرى.
ومن الصعب اكتشاف تلك الصواريخ لأنه يمكن إطلاقها من طائرات مقاتلة من طراز “ميغ 31″، مما يمنحها مدى أطول وقدرة للهجوم من اتجاهات متعددة، حسب “سي إن إن”.
تزعم موسكو أن هذا الطراز من الصواريخ الذي يمكن التحكم به بشكل كبير، تعجز عن رصده كل أنظمة الدفاع الجوي.
وأجرت روسيا تجارب وصفتها بالناجحة على صواريخ “كينجال” عام 2018، وزعمت أنها أصابت خلالها كل أهدافها على مسافة قد تصل إلى ألف كيلومتر بحسب وزارة الدفاع الروسية.
وبحسب فرانس برس، طورت روسيا هذه الصواريخ لتمتلك أسلحة قادرة على الإفلات من أنظمة الدفاعات الجوية مثل الدرع الأميركية المضادة للصواريخ في أوروبا.
وتعتبر روسيا أول دولة في العالم طورت أسلحة فرط صوتية، وهو ما يجعل بوتين لا يترك مجالا للتفاخر بها إلا ويفعل ذلك معتبرًا أنها دليل على التفوق العسكري لبلاده.