قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن التقدم السريع الذي حققته فصائل المعارضة السورية فيما سمتها معركة “ردع العدوان” يشكل تحديا لخطوط حمراء وضعها النظام السوري، لافتا إلى وجود 3 عوامل رئيسة ساهمت في هذا التقدم.
وكانت الساعات الماضية قد شهدت تطورات دراماتيكية في شمال غربي سوريا، حيث سيطرت فصائل المعارضة المسلحة على مناطق واسعة في إدلب وحلب، بما في ذلك مطار حلب الدولي ومعرة النعمان.
كما تمكنت المعارضة من التقدم في ريف حماة والسيطرة على عدة قرى ومدن رئيسة، وسط انسحاب سريع لقوات النظام وتفاقم الأوضاع الإنسانية مع نزوح آلاف المدنيين.
ويرى العميد إلياس حنا في تحليل للمشهد العسكري بسوريا أن هذا التقدم السريع يعكس قدرة كبيرة على المناورة والتنفيذ السريع، موضحا أن العوامل الثلاثة التي ساهمت في هذا التقدم هي السرعة في التخطيط والتنفيذ، وتحقيق إنجازات كبيرة خلال فترة زمنية قصيرة، وضعف استعداد الجيش السوري للقتال على الأرض.
ويذهب حنا إلى أن ما يجري يعكس تحولا كبيرا في ميزان القوى على الأرض، مع تحد صريح للنظام السوري وحلفائه، مما يضع مستقبل المعارك في شمال سوريا أمام سيناريوهات مفتوحة قد تشهد تدخلات خارجية أو تغييرات جوهرية في خريطة السيطرة الميدانية.
وأوضح حنا في تحليله أن الجيش السوري كان ينتشر على مساحات واسعة بطريقة غير منظمة، ما جعله غير قادر على الصمود أمام الهجوم المباغت للمعارضة.
وأضاف أن التوزيع العسكري للنظام السوري لم يعتمد على خطط حربية متماسكة، مما أدى إلى انسحاب قواته من مناطق رئيسة مثل مطار حلب الدولي ومعرة النعمان وأجزاء واسعة من حلب.
اختراقات كبيرة
وأكد أن المعارضة نجحت في تحقيق اختراقات كبيرة بالسيطرة على كامل الحدود الإدارية لإدلب والتقدم نحو ريف حماة، مستفيدة من تكتيك ضرب الأطراف الريفية للوصول إلى المدن الكبرى.
وقال إن هذا النهج يجعل المعارضة قادرة على عزل المدن والضغط عليها لاحقا، مشيرا إلى استعادتها معرة النعمان التي خسرتها سابقا في اتفاق تركي-روسي.
وأشار حنا إلى أن التطورات الأخيرة تعكس تحديا واضحا من قبل المعارضة لما سماه “الخطوط الحمراء” التي لا يُتوقع أن يتراجع النظام السوري عنها بسهولة.
وتساءل عن مدى قدرة النظام على استعادة زمام المبادرة، خاصة في ظل الانسحابات المتكررة من ريف حماة وأجزاء أخرى من إدلب.
وتابع قائلا إن إعادة تموضع الجيش السوري قد تكون هدفها محاولة تعزيز الدفاعات والتحضير لهجوم مضاد، إلا أن المساحات الكبيرة التي يحاول النظام السيطرة عليها تتطلب إمكانيات ضخمة من العتاد والقوى البشرية.
ومع غياب الدعم الجوي الفعّال وضعف الإمدادات من حلفائه التقليديين كروسيا وإيران، يبدو أن النظام يعاني من أزمة في احتواء تقدم المعارضة، حسب حنا.
وبشأن الدعم الروسي للنظام السوري، أوضح حنا أن هذا الدعم يواجه تحديات كبيرة، خاصة في ظل انشغال روسيا بحرب أوكرانيا واستهلاكها للموارد العسكرية.
ولفت إلى أن إرسال تعزيزات عسكرية جديدة إلى سوريا يتطلب وقتا وجهودا، مشددا على أن روسيا قد تضطر إلى اتخاذ إجراءات حاسمة للحفاظ على مصالحها الإستراتيجية في سوريا، مثل قاعدة حميميم البحرية.
وأضاف أن المعارضة تستفيد من قطع خطوط الإمداد الرئيسة للنظام، مثل طريق “إم5” الذي يعد شريانا حيويا يربط بين المدن السورية الكبرى. وأكد أن السيطرة على هذا الطريق تعزل مناطق الجنوب عن الشمال، مما يضاعف الضغوط على قوات النظام ويمنعها من استعادة مواقعها بسهولة.