رغم أن المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأميركية كامالا هاريس حسّنت مكانة حزبها بين الناخبين السود منذ أن انسحب الرئيس جو بايدن من السباق الرئاسي، فإنها لم تصل بعد إلى نسبة التأييد التي حصل عليها بايدن من السود في انتخابات 2020.
ووفقا لاستطلاع رأي أجرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية وكلية سيينا، للناخبين السود المحتملين، فإن ما يقرب من 8 من كل 10 ناخبين سود في جميع أنحاء البلاد قالوا إنهم سيصوتون لهاريس، وهو ارتفاع ملحوظ عن نسبة 74% من الناخبين السود الذين قالوا إنهم سيدعمون بايدن قبل انسحابه من السباق في يوليو/تموز الماضي.
وكان بايدن قد حصل على نسبة 90% من أصوات السود ليحقق الفوز بفارق ضئيل في انتخابات الرئاسة عام 2020، لكن إذا استمر التراجع بالنسبة لهاريس، فإنه قد يعرّض فرصها للفوز في الولايات الرئيسية المتأرجحة للخطر.
ويعتمد الديمقراطيون على الدعم الكبير من الناخبين السود، الذين تجذبهم فكرة انتخاب أول رئيسة سوداء للولايات المتحدة، وكذلك بسبب الغضب من تصريحات الرئيس السابق دونالد ترامب، لاسيما ما يتعلق منها بعرق هاريس، وتعليقاته على “وظائف السود” وتشهيره بالمهاجرين من هاييتي.
سوداء أم هندية؟
وخلال رحلته لاستعادة ثقة الناخبين، هاجم ترامب منافسته هاريس بسبب خلفيتها العرقية واتهمها بالالتفاف على تراثها الهندي.
وترامب، الذي لطالما واجه اتهامات بتأجيج التوترات العرقية في البلاد وعدم إدانة مزاعم تفوق العرق الأبيض، تساءل خلال لقاء له مع الرابطة الوطنية للصحفيين السود بشيكاغو قبل شهرين عمّا إذا كانت هاريس فعلا “سوداء”، وتهكّم “لم أكن أعرف أنها سوداء حتى قبل سنوات عدّة”.
وتابع “أنا أحترم الفئتين، لكن من الواضح أنها لا تفعل ذلك، لأنها كانت هندية طوال الوقت ثم فجأة قامت بالالتفاف وأصبحت سوداء”، وهو ما أثار موجة من الاستياء لدى الصحفيين والجمهور الذي حضر اللقاء.
وتواجه حملة ترامب انتقادات عنيفة، بسبب تصريحاته التي وصفها البعض بـ”العنصرية” تجاه السود والأقليات، باعتبار كامالا هاريس أول امرأة سوداء تترشح بشكل رسمي للرئاسة، وتوصف بأنها النسخة النسائية للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وعلّقت هاريس -التي تنحدر من أصول جامايكية وهندية وتعرّف نفسها بأنها “سوداء” وآسيوية- على تصريحات ترامب خلال مؤتمر منظمة “سيجما جاما رو” وهي إحدى أهم جمعيات النساء السود في أميركا، وقالت إنه “قدّم نفس العرض القديم من الانقسام وعدم الاحترام”، وأضافت “الشعب الأميركي يستحق الأفضل، يستحق قائدا يقول الحقيقة، قائدا لا يردّ بالعداء والغضب عند مواجهة الحقائق”.
كما سارع البيت الأبيض إلى الرد على تعليقات ترامب ووصفها بأنها “مهينة”. وقالت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية كارين جان بيير للصحفيين “لا يحق لأحد أن يخبر شخصا ما من هو وكيف يحدد هويته”، مضيفة أن ما قاله ترامب “مثير للاشمئزاز”.
وتسعى حملة هاريس للحصول على غالبية ساحقة من أصوات الناخبين السود، إلا أن ترامب يبدو أنه يقضم بشكل واسع من هذه الميزة القديمة للديمقراطيين، حيث ركزت حملته على الإعلانات المستهدفة والفعاليات التواصلية المتفرقة لكسب دعم الناخبين الأميركيين من أصل أفريقي لا سيما الرجال السود.
وشهد الرئيس السابق زيادة في الدعم، حيث قال نحو 15% من الناخبين السود المحتملين إنهم يخططون للتصويت لترامب، وفقًا للاستطلاع الجديد، وهي زيادة بـ6 نقاط مقارنة بـ4 سنوات مضت.
ووفقًا للاستطلاع، يعود جزء كبير من التآكل في دعم هاريس إلى الاعتقاد المتزايد بأن الديمقراطيين، الذين طالما احتفلوا بالناخبين السود كـ”عمود فقري” لحزبهم، قد فشلوا في الوفاء بوعودهم.
وقال 40% من الناخبين الأميركيين من أصل أفريقي تحت سن الثلاثين إن الحزب الجمهوري كان على الأرجح أكثر وفاءً بوعود حملته من الديمقراطيين.