تسبب تدمير سد كبير في جنوب أوكرانيا بتغيير ملموس في مياه نهر دنيبرو، وقتل عدد غير معروف من الناس، مخلفا العديد من الأوكرانيين بلا مأوى، كما سلط الضوء من جديد على مصطلح “الإبادة البيئية” في القانون الدولي.
وتبادلت موسكو وكييف الاتهامات بشأن المسؤولية عن تدمير هذا السد الواقع على نهر دنيبرو، الثلاثاء.
وتقول مجلة “فورين بوليسي” إن سبب تدمير السد ومن دمره لا يزالان غير واضحين رغم أن الأدلة المتزايدة تشير إلى عمل روسي متعمد.
وأغرقت الفيضانات البلدات والقرى الواقعة أسفل السد، وحاصرت السكان وجرفت منازل بأكملها على جانبي نهر دنيبرو، الذي يفصل إقليم خيرسون الذي تسيطر عليه أوكرانيا عن القسم الجنوبي الذي تسيطر عليه القوات الروسية.
والثلاثاء، غرد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، واصفا ما حدث بأنه “إبادة بيئية وحشية”، ومتهما روسيا قائلا إنه عمل من أعمال “العدوان الروسي” و”جريمة حرب”و”عمل إرهابي”.
وأطلق مكتب المدعي العام الأوكراني تحقيقا في الإبادة البيئية من آثار تدمير السد.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها الأوكرانيون المصطلح لوصف الأعمال الروسية، وفق المجلة، فقد اكتسب “الإبادة البيئية” زخما في وقت سابق من هذا العام عندما استضافت أوكرانيا لجنة حول “مقاضاة جرائم الحرب البيئية” في مؤتمر “متحدون من أجل العدالة”، في مارس.
ومن خلال استخدام مصطلح “الإبادة البيئية”، يقوم الأوكرانيون بإحياء استراتيجية خطابية ولدت في معارضة حرب فيتنام.
وصاغ عالم أخلاقيات البيولوجيا الأميركي، آرثر جالستون، المصطلح في نداء، عام 1970، لإنهاء استخدام “العامل البرتقالي”، وهو مبيد أعشاب كانت تستخدمه القوات الأميركية في فيتنام للقضاء على المحاصيل، باعتباره كان يسبب دمارا بيئيا واسع النطاق، أو “إبادة بيئية”.
ويقول ديفيد زيرلر، مؤرخ العلوم ومؤلف كتاب “اختراع الإبادة البيئية: العامل البرتقالي” إن “الإبادة البيئية هي التدمير المتعمد للبيئة، كسلاح حرب”.
ويحظى المصطلح بشعبية داخل الحركة البيئية كأداة لمقاضاة انسكاب النفط من الشركات والجهات الفاعلة الأخرى التي تسبب دمارا بيئيا واسع النطاق.
ورغم أن قوانين الإبادة البيئية نادرة، فقد تتحول في النهاية إلى قوة قانونية دولية في سياق الحرب، وفق ما تتوقع المجلة.
ولا ينبغي الخلط بين الإبادة البيئية والمفهوم الأكثر شيوعا لحملات الأرض المحروقة، التي يعاقب عليها بالفعل بموجب القانون الدولي.
وتخلص المجلة إلى أن تدمير البيئة عمدا هو تكتيك عسكري مجرب وحقيقي، وقد يكون عرضة للملاحقة القضائية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهي الوثيقة التي تحدد تعريف وحواجز الملاحقة القضائية للجرائم التي يمكن محاكمتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان وجرائم الحرب.
والأضرار البيئية التي تسببها القوات المسلحة في زمن الحرب يمكن مقاضاة مرتكبيها بموجب نظام روما الأساسي. بل هناك بند يشير إليها صراحة، وهي “المادة 8″، التي تعرّف ذلك بـ”شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيتسبب بصورة عرضية في خسائر في الأرواح أو إصابات في صفوف المدنيين أو أضرار بالأعيان المدنية أو أضرار واسعة النطاق وطويلة الأجل وشديدة للبيئة الطبيعية”.
ويشير خبيران استشارتهما المجلة إلى أن الدمار البيئي الذي قامت به القوات الروسية في أوكرانيا يمكن مقاضاته بموجب “المادة 8”.
والسبت، قال مسؤول عينته روسيا إنه من المرجح أن يعود منسوب المياه في الرافد الجنوبي لنهر دنيبرو إلى مستواه الطبيعي بحلول 16 يونيو بعد فيضان هائل نتج عن تدمير سد كاخوفكا الأوكراني في الأسبوع الماضي.
وقال فلاديمير سالدو، الذي يرأس الجزء الذي تسيطر عليه روسيا، إن منسوب المياه في نوفا كاخوفكا، البلدة المجاورة للسد على جانب المصب، انخفض الآن بمقدار ثلاثة أمتار من ذروة يوم الثلاثاء.
وذكر في وقت متأخر السبت أنه تم إجلاء ما يقرب من 7000 شخص من مناطق نوفا كاخوفكا التي غمرتها الفيضانات، من بينهم 323 طفلا، بينما تم نقل 77 شخصا إلى المستشفى.
والجمعة، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن “كل المؤشرات تدل على ما يبدو” إلى أن روسيا كانت وراء تدمير سد كاخوفكا، الذي تتبادل موسكو وكييف الاتهامات بشأن استهدافه.