أعلن حزب الله صباح اليوم الأحد أنه شن هجوما جويا بعدد كبير من المسيرات والصواريخ نحو العمق الإسرائيلي، في حين أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه شن ما وصفها بضربة استباقية لإحباط هجوم الحزب.
ولاحقا، بث حزب الله صورا للقواعد والثكنات العسكرية التي قال إنه استهدفها في المرحلة الأولى من رده على اغتيال إسرائيل فؤاد شكر أواخر يوليو/تموز الماضي.
لكن إذاعة الجيش الإسرائيلي قالت إن الجيش اكتشف أن حزب الله كان يعتزم إطلاق مئات الصواريخ باتجاه وسط إسرائيل الساعة الخامسة صباحا، لذا تم الهجوم الاستباقي قبل نصف ساعة باستخدام 100 طائرة.
حجم الرد
البيانات الصادرة عن حزب الله تقول إن الهجوم الذي انطلق صباح اليوم يمثل مرحلة أولى من العمليات التي يخطط الحزب للقيام بها ضد الأهداف الإسرائيلية، وأشارت البيانات إلى أن تفاصيل جديدة سيتم الإعلان عنها بعد قليل في كلمة للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
لكن رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن دكتور هشام جابر قال -في تصريحات للجزيرة نت- “إن ما حدث اليوم هو رد حزب الله المنتظر منذ 3 أسابيع، وقد انتهى، وأنجزت المهمة”، وحتى إسرائيل اعتبرت أنها لن ترد باعتبار أنها قامت بالفعل بهجوم استباقي حدّ من هجوم حزب الله، وفق قولها.
ويرى الخبير الأمني والعسكري أسامة خالد أن حدود رد حزب الله كانت محسوبة بالكلفة الباهظة التي قد تُفضي إلى حرب إقليمية إذا أقدم على خطوة غير مدروسة، ولذلك حرص على ضبط إيقاع المشهد قدر الإمكان من دون الذهاب نحو عمل قد يستفز إسرائيل وداعميها الذين حشدوا قواتهم في الشرق الأوسط.
لكن منسق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوات الطوارئ الدولية العميد منير شحادة -في تصريحات للجزيرة نت- يرى أن طبيعة رد حزب الله يتوقف على ردة الفعل من قبل إسرائيل، فإن كانت سترد على هذا الرد الأولي فسيقوم حزب الله بالرد الثاني متى تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمر.
خداع القبة الحديدية
كان من اللافت حديث حزب الله عن إطلاق عدد كبير من الصواريخ نحو عمق الأراضي المحتلة، إذ قال إنه شن هجوما كبيرا بالصواريخ والمسيرات، وقال إن عدد هذه الصواريخ تجاوز 320 صاروخا، في حين قالت القناة 12 الإسرائيلية إن حزب الله خطط لإطلاق 600 صاروخ تجاه إسرائيل في هذا الهجوم.
وهذا العدد الكبير من الصواريخ يراه رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات إلهاءً لمنظومتي القبة الحديدية والدفاع الجوي الإسرائيليتين، من أجل فتح المجال أمام المسيرات التي انطلقت نحو الأهداف التي قال حزب الله إنه استهدفها في العمق الإسرائيلي.
ويقترب كثيرا من ذلك أسامة خالد -في تصريحاته للجزيرة نت- ويقول إن مدفعية حزب الله قامت بتشتيت منظومة الاعتراض (القبة الحديدية) عبر إغراقها بالموجة الأولى من الرشقات المكثفة من الصواريخ قصيرة المدى، وذلك لتسهيل عبور الصواريخ بعيدة المدى نحو العمق وولوج الطيران المسيّر (الانقضاضي) نحو الأهداف المرسومة مسبقا.
حتمية الرد
وأرجع العميد شحادة ضرورة ردّ حزب الله على اغتيال فؤاد شكر إلى جملة من الأسباب:
- أولا: حزب الله توعد في أكثر من مناسبة بضرورة الرد على اغتيال فؤاد شكر.
- ثانيا: توقيت هذا الرد جاء مراعيا لمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة التي كانت تجري من قبل في قطر، وحاليا في القاهرة، حتى لا يظهر حزب الله أنه معرقل لهذه المفاوضات.
- ثالثا: الرد جاء عبر عملية مركبة بدأت بقصف من صواريخ كاتيوشا، وصل عددها إلى 320 صاروخا، وردت إسرائيل عبر 100 طائرة حربية، وخلال ذلك أطلق حزب الله طائرات مسيرة انقضاضية ووصلت إلى عمق 100 كيلومتر من الحدود اللبنانية.
أهداف حزب الله
لم يعلن حزب الله عن التفاصيل الدقيقة للأهداف التي أصابها من خلال رده صباح اليوم، وأشار إلى أن حسن نصر الله سيعلن عن ذلك في خطاب بعد قليل من الآن، لكن هشام جابر يذهب إلى أن حزب الله استهدف موقعين إسرائيليين مهمين شمالي تل أبيب، ويرجح أن يكونا مركز الاستخبارات العسكرية والوحدة 8200 الاستخبارية.
وقال منير شحادة إن “معلوماتي تقول إن الهدف هو منشأة إسرائيلية حساسة جدا في العمق الإسرائيلي قريبة من تل أبيب”. لكنه لم يؤكد ذلك انتظارا للإعلان الرسمي من قبل حزب الله.
ماذا بعد؟
هذا التساؤل تزداد الإجابة عنه مع كل تصريح من المسؤولين، وتزداد معه أيضا توقعات المحللين، فأسامة خالد يرى أن المستوى السياسي الإسرائيلي عازم بشكل جدي على الوصول لواقع أمني وسياسي جديد يحقق مصالحه الحيوية على جبهة لبنان بالتوازي مع عمله على جبهة غزة.
وأضاف الخبير الأمني والعسكري أن هذا سيجعله يبادر ويغامر مجددا ضد أهداف حيوية تابعة للمقاومة اللبنانية والفلسطينية وأخرى تخص مصالح إيران بالمنطقة، ويشجعه على ذلك انعدام الخيارات أمام حزب الله وإيران وترددهما في القيام بأعمال غير تقليدية.
ويبقى التساؤل عن الرد الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية في طهران نهاية الشهر الماضي قائما، إذ يرى منسق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوات الطوارئ الدولية أن الرد الإيراني منفصل عن رد حزب الله، وتوقع أن يكون ردا قاسيا بناء على تصريحات المسؤولين الإيرانيين.
أما رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات فقال إنه ليس من الضروري تزامن رد كل جبهات المقاومة، وربما يكون الرد متلاحقا، والآن علينا أن ننتظر رد كل من الإيرانيين والحوثيين.