أعربت الصين عن ثقتها في إمكانية تحقيق أهدافها للنمو الاقتصادي هذا العام، جاء ذلك على لسان رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاحات جينغ شانجي، الذي تعهد بدعم النمو لكن من دون الإعلان عن إجراءات تحفيز جديدة للاقتصاد، وخيّب عدم الإعلان عن إجراءت تحفيزية توقعات الأسواق.
وقال جينغ، خلال مؤتمر صحفي في بكين اليوم الثلاثاء، “كلنا ثقة بتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية هذا العام.. لدينا الثقة الكاملة في مواصلة تنمية مستقرة وسليمة ومستدامة”.
سندات واستثمارات
وقال مسؤولون في لجنة التنمية والإصلاح الوطنية إنهم سيسرّعون الإنفاق مع تكرار خطط تعزيز الاستثمار وزيادة الدعم المباشر للفئات ذات الدخل المنخفض والخريجين الجدد، مضيفين أن الصين ستواصل إصدار سندات سيادية طويلة الأجل العام المقبل لدعم المشاريع الكبرى وتقديم استثمارات بقيمة 100 مليار يوان (14 مليار دولار) خلال العام الجاري كانت مخصصة في الأصل لعام 2025.
وقال ليو سوشي نائب رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح إن الوكالة ستحث المسؤولين المحليين أيضا على إصدار ما تبقى من السندات الخاصة الجديدة لهذا العام -بقيمة حوالي 290 مليار يوان (41.11 مليار دولار)- بحلول نهاية هذا الشهر.
وفي عام 2023، أمرت الصين المقاطعات باستخدام حصة السندات المحلية الخاصة لهذا العام قبل إضافة تريليون يوان (141.78 مليار دولار) من السندات السيادية في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الجاري لتحفيز الاقتصاد.
وقالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح إن قطاعات معينة، مثل الخدمات العامة الأساسية في المدن وشبكات النقل بين المدن، ستحصل على المزيد من الدعم التمويلي من السندات الحكومية.
خيبة أمل
وكان المستثمرون يأملون إقرار إجراءات جديدة تنعش الاقتصاد بعد 10 أيام على دفعة أولى أدت إلى تحسن كبير في البورصة.
لكن السلطات خيبت الآمال، فلم يعلن مسؤولو اللجنة أي إجراء جديد رغم الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الصيني لا سيما أزمة القطاع العقاري واستهلاك الأسر المتراجع.
وحددت الصين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، هدف نمو بنحو 5% هذا العام، وهو رقم اعتبره عدد من المحللين متفائلا في بلد يعاني منذ انتهاء جائحة كورونا.
وفتحت بورصتا شنغهاي وشنجن اليوم الثلاثاء على ارتفاع زاد عن 10%، لكنها تراجعت جزئيا بسبب غياب إعلان تحفيزات جدديدة، وخلال كتابة هذا التقرير ارتفعت بورصة شنغهاي 4.6% وتراجعت بورصة هونغ كونغ 9.4%.
القطاع العقاري
وبعد إعلانات متفرقة في الأشهر الأخيرة لم يكن لها تأثير ظاهري، كشفت السلطات الصينية نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي إجراءات غير مسبوقة بحجمها منذ سنوات من بينها خفض معدل الفائدة وتيسير شروط القروض العقارية.
وأدت حزمة الإجراءات هذه إلى ارتفاع كبير في بورصات هونغ كونغ والصين بأكثر من 20%.
واستهدفت غالبية الإجراءات حتى الآن القطاع العقاري الذي شكل لفترة طويلة محرك النمو الصيني، لكنه يعاني أزمة عميقة راهنا مثل شركتي المقاولات كانتري غاردن وإيفرغراند الغارقتين في مديونية عالية وعلى شفير الإفلاس.
وخفض المصرف المركزي خصوصا نسبة الفائدة على سنة لدى المؤسسات المالية، وخفض الضمانات الضرورية للحصول على قرض عقاري وكذلك الفائدة على الرهون العقارية.
وأعلنت مدن صينية كبرى، كذلك، رفع بعض القيود المحلية التي كان يعقتد أنها تحول دون شراء العقارات ولا سيما في بكين وشنغهاي وكانتون وشنغن.
إصلاحات بنيوية
وأكد جينغ شانجي اليوم الثلاثاء “إذا ما نظرنا إلى التنمية الحالية وتوقعات التنمية فإن أسس التنمية الاقتصادية في بلادنا لم تتغير”، مضيفا “مع مواصلة تنفيذ السياسات المختلفة، ولا سيما حزم الإجراءات التدريجية، تحسنت آفاق الأسواق بشكل كبير”.
وكان محللون يأملون في تدابير جديدة خصوصا إجراءات دعم مالي، منها إصدار سندات أو سياسات دعم لاستهلاك الأسر.
لكنهم يحذرون أيضا من أن ثمة حاجة إلى إصلاحات أعمق للنظام الاقتصادي الصيني لخفض عبء الدين في القطاع العقاري وانعاش الاقتصاد لإزالة العوائق الرئيسية أمام النمو.
واستبعدت كبيرة خبراء الاقتصاد لدى “ناتيكسيس” لمنطقة آسيا والمحيط الهادي، قبل تصريحات شانجي، حدوث تغير كبير ما لم تعتمد الصين إصلاحات بنيوية لإنعاش الاقتصاد من مخصصات بطالة إلى معاشات التقاعد.
ورأى المحلل لدى “تشاينا بيغ بوك” شهزاد قاضي أنه على المدى القصير سيتحقق النمو، مؤكدا أن “الاقتصاد الصيني ليس مأزوما و(بكين) لا تحتاج إلى إعلان برنامج واسع للإنفاق المالي لبقية العام للمساعدة على تحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي”.
لكنه رأى أنه على المدى الطويل يجب بذل المزيد على الأرجح.
وقال “السؤال الفعلي هو في معرفة ما إذا كانت بكين ستعلن برنامجا للإنفاق على مراحل عدة للعام 2025 وبعده، يتضمن حلا للمشكلات البنيوية التي تلجم انتقال الاقتصاد إلى نموذج يدعمه الاستهلاك”.